ابنه عبد الله : لِمَ تبكي أجزعاً من الموت؟ قال : لا والله ولكن لما بعده. فقال له : قد كنت على خير. فجعل يُذَكّرُه صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتوحه الشام ، فقال له عمرو : تركت أفضل من ذلك : شهادة أن لا إله إلاّ الله. إنّي كنت على ثلاثة أطباق ليس منها طبقٌ إلاّ عرفت نفسي فيه ، كنت أوّل شيء كافراً فكنت أشدَّ الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو متُّ يومئذ وجبت لي النار. فلمّا بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أشدَّ الناس حياءً منه فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم حياءً منه ، فلو متُّ يومئذ قال الناس : هنيئاً لعمرو أسلم وكان على خير ، ومات على خير أحواله ، فترجى له الجنّة. ثمَّ بُليت بعد ذلك بالسلطان وأشياء فلا أدري أعليَّ أم لي؟! فإذا متُّ فلا تبكينَّ عليَّ باكيةٌ ، ولا يتبعني مادح ولا نار ، وشدّوا عليّ إزاري فإنّي مخاصم ، وشنّوا عليَّ التراب [شنّا] (١) ، فإنَّ جنبي الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من جنبي الأيسر.
فائدة :
يوجد اسم والد المترجَم له في كثير من كلمات الأصحاب العاصي بالياء ، وكذا ورد في شعر أمير المؤمنين :
لأُوردنَّ العاصيَ ابن العاصي |
|
سبعين ألفاً عاقدي النواصي |
وفي رجز الأشتر :
ويحك يا ابن العاصي |
|
تنحَّ في القواصي |
ويُذكر بالياء في كتب غير واحد من الحفّاظ ، وقال الحافظ النووي في تهذيب الأسماء واللغات (٢) (٢ / ٣٠) : وعليه الجمهور وهو الفصيح عند أهل العربيّة. ثمَّ قال : ويقع في كثير من كتب الحديث والفقه أو أكثرها بحذف الياء وهي لغة ، وقد قُري في السبع نحوه كالكبير المتعال ، والداع.
__________________
(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
(٢) تهذيب الأسماء واللغات : ٢ / ٣٠ رقم ١٨.