٨ ـ
العبدي الكوفي
هل في سؤالِك رسمَ المنزلِ الخَرِبِ |
|
بُرءٌ لقلبك من داءِ الهوى الوَصِبِ |
أمْ حَرُّهُ يوم وَشْكِ البَيْنِ يُبْرِدُهُ |
|
ما اسْتَحْدَثَتْه النوى من دمعِك السَرِبِ |
هيهات أن ينفدَ الوجد المثير له |
|
نأي الخليط الذي ولّى ولم يَؤُبِ |
يا رائد الحيِّ حسبُ الحيِّ ما ضَمِنَتْ |
|
له المدامعُ من ماءٍ ومن عُشُبِ |
ما خِلتُ من قبل أن حالت نوىً قَذَفٌ |
|
أنّ العيون لهم أهمى (١) من السُحُبِ |
بانوا فَكم أطْلَقوا دمعاً وكم أسَرُوا |
|
لُبّا وكم قَطَعوا للوصلِ من سَبَبِ |
من غادرٍ لم أكن يوماً أسِرُّ له |
|
غَدْراً وما الغدر من شأن الفتى العربي |
وحافظُ العهدِ يُبدي صَفْحَتَي فَرَحٍ |
|
للكاشحين (٢) ويُخفي وجْدَ مُكتَئِبِ |
بانوا قِباباً وأحباباً تصونُهُمُ |
|
عن النواظر أطرافُ القنا السلبِ |
وخلّفوا عاشقاً مُلقىً رمى خَلَساً |
|
بطرفه خِدْرَ مَنْ يهوى فلم يُصِبِ |
لهفي لما استودِعَتْ تلك القبابُ وما |
|
حَجَبْنَ من قُضُبٍ عنّا ومن كُثُبِ |
من كلِّ هيفاءِ أعطافٍ هضيمِ حَشاً |
|
لعساءِ (٣) مرتَشَفٍ غَرّاءِ مُنتقِبِ |
كأنّما ثَغرُها وهناً وريقَتُها |
|
ما ضمَّتِ الكاسُ من راحٍ ومن حَبَبِ |
__________________
(١) همى يهمي همياً : سال. هَمَت العين : صَبَّت دمعتها. (المؤلف)
(٢) كاشح فلاناً كِشاحاً ومكاشحة ، وكشح له كَشْحاً : عاداه. (المؤلف)
(٣) اللعْس : سوادُ مستحسن في الشفة. (المؤلف)