وفي الخدورِ بدورٌ لو بَرَزن لنا |
|
برّدن كلّ حشاً بالوَجْدِ مُلتهبِ |
وفي حشاي غليلٌ بات يَضرِمُهُ |
|
شوقٌ إلى بَرْد ذاك الظَلْم والشنَبِ (١) |
يا راقد اللوعةِ اهبُبْ (٢) من كَراكَ فقدْ |
|
بان الخليط ويا مُضنى الغَرامِ ثُبِ |
أما وعصرِ هوىً دبَّ العزاء له |
|
ريب المنون وغالته يد النُوَبِ |
لأشرَقَنَ (٣) بدمعي إن نأتْ بِهُمُ |
|
دارٌ ولم أقضِ ما في النفس من إربِ |
ليس العجيب بأن لم يبقَ لي جَلَدٌ |
|
لكنْ بقائي وقد بانوا من العجبِ |
شِبْتُ ابنَ عشرين عاماً والفراقُ لهُ |
|
سهمٌ متى ما يُصِبْ شملَ الفتى يَشِبِ |
ما هزّ عَطْفيَ من شوقٍ إلى وطني |
|
ولا اعتَرانيَ من وَجْدٍ ومن طَرَبِ |
مثل اشتياقيَ من بُعْدٍ ومُنتزَحٍ |
|
إلى الغريِّ وما فيهِ من الحَسَبِ |
أزكى ثرىً ضَمَّ أزكى العالمين فذا |
|
خيرُ الرجال وهذا أشرفُ التُرُبِ |
إن كان عن ناظري بالغَيْبِ محتجباً |
|
فإنّه عن ضميري غيرُ محتجِبِ |
إلى أن يقول :
يا راكباً جَسْرةً تطوي مناسِمها |
|
مَلاءَة البِيد بالتقريب والجَنَبِ (٤) |
تُقَيِّدُ المُغْزِلَ الأدْماءَ في صَعَدٍ |
|
وتطلَح الكاسر الفَتْخاء في صَبَبِ (٥) |
تُثني الرياح إذا مرّت بغايتها |
|
حسرى الطلائح بالغِيطان والخَرِبِ |
بلّغ سلاميَ قبراً بالغَرِيِّ حوى |
|
أوفى البَرِيَّةِ من عُجمٍ ومن عَرَبِ |
__________________
(١) الظَلْم بالفتح : ماء الأسنان وبريقها. الشنَب : بياض الأسنان وحُسنها. (المؤلف)
(٢) أهَبّهَ من نومِه : أيقظه. (المؤلف)
(٣) أشْرَقَه بريقه : أي أغصَّهَ ومنَعَه التنفس. (المؤلف)
(٤) جنبه جنْباً جنَباً : أبعده ونحّاه. (المؤلف)
(٥) المُغْزِل : من أغزَلت الظبية إذا ولَدَت الغزال. الأدم من الظِّباء : البيض تعلوهن طرائق فيهن غُبرة. طَلَح : أتعَب وأعيا. الكاسر : العُقاب. الفتخاء : الليّنة الجناح. الصَّبَبَ : ما انحدر من الأرض. (المؤلف)