١١ ـ
ابن عبّاس وعمرو
حجَّ عمرو بن العاص ، فمرَّ بعبد الله بن عبّاس فحسده مكانه وما رأى من هيبة الناس له ، وموقعه من قلوبهم ، فقال له : يا ابن عبّاس ما لَكَ إذا رأيتَني ولّيتني قصَرة (١) ، كأنّ بين عينيك دَبَرة (٢) وإذا كنت في ملأ من الناس كنتَ الهَوهاة (٣) الهُمَزَة (٤).
فقال ابن عبّاس : لأنّك من اللئام الفجرة ، وقريشٌ من الكرام البررة ، لا ينطقون بباطلٍ جهلوه ، ولا يكتمون حقّا علموه ، وهم أعظم الناس أحلاماً ، وأرفع الناس أعلاماً ، دخلتَ في قريش ولست منها ، فأنت الساقطُ بين فراشين ، لا في بني هاشم رحلُكَ ، ولا في بني عبدِ شمس راحلتُك ، فأنت الأثيم الزنيمُ ، الضالُّ المضلُّ ، حملك معاوية على رقاب الناس ، فأنت تسطو بحلمه ، وتسمو بكرمه. فقال عمرو : أما والله إنّي لمسرورٌ بك فهل ينفعني عندك؟ قال ابن عبّاس : حيث مال الحقُّ مِلْنا ، وحيث سلك قصدنا. العقد الفريد (٥) (٢ / ١٣٦)
١٢ ـ
ابن عبّاس وعمرو
حضر عبد الله بن جعفر مجلس معاوية وفيه عبد الله بن عبّاس وعمرو بن العاص ، فقال عمرو : قد جاءكم رجلٌ كثيرُ الخلوات بالتمنّي ، والطرَبات بالتغنّي ، محبٌ
__________________
(١) القصَر والقصَرة ـ بفتح الصاد ـ : الكسل. (المؤلف).
(٢) الدَبَرة ـ بفتح المهملة والموحّدة ـ : قرحة الدابّة تحدث من الرحل ونحوه ، والجمع دَبَرٌ وأدْبار. (المؤلف).
(٣) الهوهاة : ضعيف القلب ، الأحمق. (المؤلف).
(٤) همز الشيطان الإنسان : همس في قلبه وسواساً. (المؤلف).
(٥) العقد الفريد : ٣ / ٢٠٣.