سوداء أبداً ، (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (٢) ، لكن أبعث إليه وأدعوه إلى ما في يدي من الحقِّ ، فإن أجاب فرجلٌ من المسلمين ، له مالهم ، وعليه ما عليهم ، وإن أبى حاكمته إلى الله». فولّى المغيرة وهو يقول : فحاكمه إذاً ، فحاكمه إذاً ، وأنشأ يقول :
نصحتُ عليّا في ابن حربٍ نصيحةً |
|
فردَّ فما منّي لهُ الدَهرَ ثانيهْ |
ولم يقبلِ النصحَ الذي جئتهُ بهِ |
|
وكانت له تلك النصيحةُ كافيهْ |
وقالوا له ما أخلصَ النُّصحَ كلّهُ |
|
فقلت له إنَّ النصيحة غاليهْ |
فقام قيس بن سعد فقال : يا أمير المؤمنين إنَّ المغيرة أشار عليك بأمر لم يُرد الله به ، فقدّمَ فيه رِجلاً وأَخّر فيه أخرى ؛ فإن كان لك الغلبة تقرَّب إليك بالنصيحة ، وإن كانت لمعاوية تقرَّب إليه بالمشورة. ثمّ أنشأ يقول :
يكاد ومن أرسى ثبيراً مكانَهُ |
|
مُغيرةُ أن يقوى عليك معاويهْ |
وكنتَ بحمدِ اللهِ فينا موفَّقاً |
|
وتلك التي أرآكها غير كافيهْ |
فسبحانَ من علاّ السماء مكانَها |
|
وأرضاً دحاها فاستقرّت كما هيهْ |
فكان هو صاحب الرأي الوحيد بعين الإمام الطاهر ، تجاه تلك الآراء التعسة الفارغة عن النزعات الروحيّة ، في كلِّ مَنحسة ومَتعسة ، بين حاذف وقاذف (٣).
فروسيّته :
إنَّ الباحث لا يقف على ايّ معجم يُذكر فيه قيس إلاّ ويجد في طيِّه جمل الثناء متواصلة على حماسته وشجاعته ، ويقرأ له دروساً وافية حول فروسيّته ، وبأسه في الحروب ، وشدّته في المواقف الهائلة ، فما عساني أن أكتب عن فارس سجّل له التاريخ
__________________
(٢) الكهف : ٥١.
(٣) مثل يضرب لمن هو بين شرّين : الحاذف بالعصا ، والقاذف بالحصى. (المؤلف)