حامل راية النبيّ في فتح مكّة إذْ نزعها من أبيه ، وأرسل عليّا رضى الله عنه أن ينزع اللواء منه ويدفعه لابنه قيس ، ففعل.
وأمّا مواقفه على العهد العلويِّ : فكان يحضُّ أمير المؤمنين على قتال معاوية ، ويحثّه على محاربة مناوئيه ويقول : يا أمير المؤمنين ما على الأرض أحدٌ أحبُّ إلينا أن يقيم فينا منك ؛ لأنّك نجمنا الذي نهتدي به ، ومفزعنا الذي نصير إليه ، وإن فقدناك لَتَظلَمنَّ أرضنا وسماؤنا ، ولكن والله لو خلّيتَ معاوية للمكر ليرومَنَّ مصر ، وليُفسدَنَّ اليمن ، وليطمعنَّ في العراق ، ومعه قومٌ يمانيّون قد أُشربوا قتل عثمان ، وقد اكتفوا بالظنِّ عن العلم ، وبالشكِّ عن اليقين ، وبالهوى عن الخير ، فسر بأهل الحجاز وأهل العراق ثمّ ارمه بأمرٍ يضيق فيه خناقه ، ويقصّر له من نفسه.
فقال : «أحسنت والله يا قيس وأجملت» (١).
فأرسله عليُّ عليهالسلام مع ولده الحسن الزكيِّ وعمّار بن ياسر إلى الكوفة ، ودعوة أهلها إلى نصرته ، فخطب الحسن عليهالسلام هناك وعمّار ، وبعدهما قام قيس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمَّ قال : أيّها الناس إنَّ هذا الأمر لو استقبلنا به الشورى ، لكان عليٌّ أحقَّ الناس به ، في سابقته ، وهجرته ، وعلمه ، وكان قتل مَن أبى ذلك حلالاً ، وكيف ، والحجَّة قامت على طلحة والزبير ، وقد بايعاه وخلعاه حسداً؟
فقام خطباؤهم ، وأسرعوا إلى الردِّ بالإجابة ، فقال النجاشي (٢) :
رَضِينا بِقَسْمِ اللهِ إذ كان قَسْمُنا |
|
عليّا وأبناءَ النبيِّ محمد |
وقلنا له أهلاً وسهلاً ومرحباً |
|
نُقبّل يديهِ من هوىً وتودّدِ |
__________________
(١) أمالي شيخ الطائفة : ص ٨٥ [ص ٧١٦ ح ١٥١٨]. (المؤلف)
(٢) هو قيس بن عمرو ، شاعر مخضرم ، أصله من اليمن ، انتقل إلى الحجاز واستقرّ في الكوفة ، وكانت أمّه من الحبشة فنسب إليها ، توفّي سنة (٤٠ ه).