وقد قضيت في عدوّي نذري |
|
يا ليت شعري ما بقي من عمري |
وجعل يطعن بُسر قيساً ، فيضربه قيس بالسيف فيردّه على عقبيه ، ورجع القوم جميعاً ولقيس الفضل. كتاب صفّين (١) (ص ٢٢٦).
وروى نصر في كتابه (٢) (ص ٢٢٧ ـ ٢٤٠) : إنَّ معاوية دعا النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري ، ومسلمة بن مخلَّد الأنصاري ولم يكن معه من الأنصار غيرهما ، فقال : يا هذان لقد غمّني ما لقيت من الأوس والخزرج ، صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال ، حتى والله جبّنوا أصحابي : الشجاع والجبان ، وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلاّ قالوا : قتلته الأنصار ، أما والله لألقينّهم بحدّي وحديدي ، ولأُعَبِّئنَّ لكل فارس منهم فارساً ينشب (٣) في حلقه ، ثمّ لَأَرْمِيَنّهم بأعدادهم من قريش رجالاً لم يغذُهم التمر والطُفيشل (٤). يقولون : نحن الأنصار ، قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقّهم بباطلهم!
فغضب النعمان ، فقال : يا معاوية لا تلومنَّ الأنصار بسرعتهم في الحرب ، فإنَّهم كذلك كانوا في الجاهليّة ، فأمّا دعاؤهم إلى النزال فقد رأيتهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمّا لقاؤك إيّاهم في أعدادهم من قريش ، فقد علمتَ ما لَقِيَتْ قريش منهم ، فإن أحببت أن ترى فيهم مثل ذلك آنفاً ، فافعل ، وأمّا التمر والطُفيشل : فإنَّ التمر كان لنا فلمّا أن ذقتموه شاركتمونا فيه ، وأمّا الطُفيشل : فكان لليهود فلمّا أكلناه غلبناهم عليه كما غلبت قريشٌ على سَخينة (٥) ثمَّ تكلّم مسلمة بن مخلد ـ إلى أن قال :
__________________
(١) وقعة صفّين : ص ٤٢٨.
(٢) وقعة صفّين : ص ٤٤٥ ـ ٤٥٠.
(٣) نشب الشيء في الشيء : علق فيه. (المؤلف)
(٤) كسُمَيدَع : نوع من المرق. (المؤلف)
(٥) طعام يتّخذ من دقيق وسَمن ، كانت قريش تكثر من أكلها ، فعُيّرت بها وسمّيت : قريش السخينة. (المؤلف)