أيضا.
والقسم الثّاني : هو القسم الجاد الإرادي الذي قرره المرء بوعي منه ، هذا النوع من القسم هو الذي يعاقب عليه الله إذا لم يف به الإنسان : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمان).
كلمة «العقد» تعني في الأصل ـ كما قلنا في بداية سورة المائدة ـ جمع أطراف الشيء جمعا محكما.
ومنه تسمية ربط طرفي الحبل بـ «العقدة» ثمّ انتقل هذا المعنى إلى الأمور المعنوية ، فأطلق على كل اتفاق وعهد اسم العقد ، فعقد الأيمان ـ كما في الآية ـ يعني التعهد بكل جد وعزم وتصميم على أمر ما بموجب القسم.
بديهي أن الجد وحده في القسم لا يكفي لصحته ، بل لا بدّ أيضا من صحة محتواه ـ كما قلنا ـ وأن يكون أمرا مباحا في الأقل ، كما لا بدّ من القول بأنّ القسم بغير اسم الله لا قيمة له.
وعليه إذا أقسم إمرؤ بالله أن يعمل عملا محمودا ، أو مباحا على الأقل ، فيجب عليه أن يعمل بقسمه ، فإن لم يفعل ، فعليه كفارة التخلف.
وكفارة القسم هي ما ورد في ذيل الآية المذكورة ، وهي واحدة من ثلاثة :
الأولى : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) ، ولكيلا يؤخذ هذا الحكم على إطلاقه بحيث يصار إلى أي نوع من الطعام الدنيء والقليل ، فقد جاء بيان نوع الطعام بما لا يقل عن أوسط الطعام الذي يعطى لأفراد العائلة عادة : (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ).
ظاهر الآية يدل على النوعية المتوسطة ، ولكن يحتمل أنّه إشارة إلى الكمية والكيفية كليهما ، فقد جاء عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه الحد الوسط من الكيفية ، وعن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه الحدّ الوسط من الكمية ، الأمر الذي يدل على أن المطلوب هو