سببا في نزول آية صريحة تماما في تحريم الخمر حتى سدت الطريق أمام الذين كانوا يتصيدون الأعذار والمسوغات ، وهذه الآية هي موضوع البحث.
وإنّه لمما يستلفت النظر أنّ تحريم الخمرة يعبر عنه في هذه الآية بصورة متنوعة :
١ ـ فالآية تبدأ بمخاطبة المؤمنين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي أنّ عدم الصدوع بهذا الأمر لا ينسجم مع روح الإيمان.
٢ ـ استعمال «إنّما» التي تعني الحصر والتوكيد.
٣ ـ وضعت الخمر والقمار إلى جانب الأنصاب (١) (وهي قطع أحجار لا صورة لها كانت تتخذ كالأصنام) للدلالة على أنّ الخمر والقمار لا يقلان ضررا عن عبادة الأصنام ، ولهذا جاء في حديث شريف أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «شارب الخمر كعابد الوثن»(٢).
٤ ـ الخمر والقمار وعبادة الأصنام ، والاستقسام والأزلام (ضرب من اليانصيب)(٣)لها قد اعتبرها القرآن رجسا وخبثا : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ).
٥ ـ وهذه الأعمال القبيحة كلّها من أعمال الشيطان : (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ).
٦ ـ وأخيرا يصدر الأمر القاطع الواجب الإتباع : (فَاجْتَنِبُوهُ).
لا بدّ من التنوية بأنّ لتعبير «فاجتنبوه» مفهوما أبعد ، إذ أنّ الاجتناب يعني الابتعاد والانفصال وعدم الاقتراب ، ممّا يكون أشد وأقطع من مجرّد النهي عن شرب الخمر.
٧ ـ وفي الختام يقول تعالى أن ذلك : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي لا فلاح لكم بغير
__________________
(١) انظر المجلد الثّالث ، من هذا التّفسير بشأن الأنصاب والنصيب.
(٢) هامش تفسير الطبري ، ج ٧ ، ص ٣١ ، وقد جاء هذا الحديث في تفسير «نور الثقلين» ، ج ١ ، ص ٦٩ عن الإمام الصادق عليهالسلام.
(٣) انظر شرح كيفية الأزلام في المجلد الثالث من هذا التّفسير.