والمشهور بين فقهائنا هو أنّ «كفارة الصيد أثناء الإحرام للعمرة» يجب أنّ تذبح في «مكّة» و «كفارة الصيد أثناء الإحرام للحج» يجب أن تذبح في «منى» ، وهذا لا يتعارض مع الآية المذكورة ، لأنّها نزلت في إحرام العمرة ، كما قلنا.
ثمّ يضيف أنّه ليس ضروريا أنّ تكون الكفارة بصورة أضحية ، بل يمكن الاستعاضة عنها بواحد من اثنين آخرين : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) و (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً).
مع أنّ الآية لا تذكر عدد المساكين الذين يجب إطعامهم ، ولا عدد الأيّام التي يجب أنّ تصام ، فإن اقتران الاثنين معا من جهة ، والتصريح بلزوم الموازنة في الصيام ، يدل على أنّ المقصود ليس إطلاق عدد المساكين الذين يجب إطعامهم بحسب رغبتنا ، بل المقصود تحديد ذلك بمقدار قيمة الأضحية.
أمّا كيف يتمّ التوازن بين الصيام وإطعام المسكين ، فيستفاد من بعض الرّوايات أنّ مقابل كلّ «مدّ» من الطعام (ما يعادل نحو ٧٥٠ غراما من الحنطة وأمثالها) يصوم يوما واحدا ، ويستفاد من روايات أخرى أنّه يصوم يوما واحدا في مقابل كلّ «مدّين» من الطعام ، وهذا يعود في الواقع إلى أن الذي لا يستطيع صوم رمضان يكفّر عن كل يوم منه بمدّ واحد أو بمدّين اثنين من الطعام للمحتاجين (لمزيد من الاطلاع بهذا الخصوص انظر الكتب الفقهية).
أمّا إذا ارتكب محرم صيدا فهل له أن يختار أيّا من هذه الكفارات الثلاث ، أو أنّ عليه أن يختار بالترتيب واحدة منها ، أي الذبيحة أوّلا ، فإن لم يستطع فإطعام المسكين ، فإنّ لم يستطع فالصيام ، فالفقهاء مختلفون في هذا ، ولكن ظاهر الآية يدل على حرية الإختيار.
إنّ الهدف من هذه الكفارات هو (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) (١).
__________________
(١) في «مفردات الراغب» أنّ «وبال» من «الوبل والوابل» وهو المطر الغزير ، ثمّ أطلق على العمل الشاق الجسيم ، ولمّا كان العقاب شديدا وثقيلا عادة ، فقد وصف بأنّه «وبال».