الأسلاف وغير الأسلاف لا يؤثر في هداية الذين اهتدوا ، حتى وإن كانوا قريبين قرب الأخ أو الأب أو الابن ، لذلك فلا تتبعوهم وانجوا بأنفسكم (لاحظ بدقّة).
وثانيا : تشير هذه الآية إلى الحالة التي لا يكون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي أثر ، أو تكون شروط فاعليتهما غير متوفرة ، ففي أمثال هذه الحالات يشعر بعض المؤمنين بالألم ، ويتساءلون عمّا ينبغي لهم أن يفعلوه ، فتجيبهم الآية : لا تثريب عليكم ، فقد أديتم واجبكم ، إذ (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ).
نجد هذا المعنى في الحديث الذي ذكرناه أعلاه ، وكذلك في بعض الأحاديث الأخرى فقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذه الآية فقال : «ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم» (١).
وهناك روايات أخرى بالمضمون نفسه وتفيد هذه الحقيقة ذاتها.
فخر الدين الرازي ـ حسب عادته ـ يذكر عدة أوجه في الإجابة على السؤال المذكورة ، ولكنّها تكاد تعود كلها إلى الأمر الذي ذكرناه ، ولعله ذكرها جميعا لبيان كثرة عددها.
على كلّ حال ، لا شك أنّ مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أركان الإسلام التي لا يمكن التغاضي عنها بأي شكل من الأشكال ، ولا تسقط إلّا عند اليأس من تأثيرها أو من توفر شروطها.
* * *
__________________
(١) تفسير «نور الثقلين» ، ج ١ ، ص ٦٨٤.