بمنافع مادية ، فنشهد بغير الحقّ حتى وإن كانت الشهادة ضد أقربائنا : (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) وإننا لن نخفي أبدا الشهادة الإلهية ، وإلّا فسنكون من المذنبين : (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ).
ولا بدّ أن نلاحظ ما يلي :
أوّلا : إنّ هذه التفاصيل في أداء الشهادة إنّما تكون عند الشك والتردد.
وثانيا : لا فرق بين المسلم وغير المسلم في هذا كما يبدو من ظاهر الآية ، وإنّما هو في الحقيقة ـ وسيلة لإحكام أمر حفظ الأموال في إطار الاتهام ، وليس في هذا ما يناقض القبول بشهادة عدلين بغير تحليف ، لأنّ هذا يكون عند انتفاء الشك في الشاهدين ، لذلك فلا هو ينسخ الآية ولا هو مختص بغير المسلمين (تأمل بدقّة).
ثالثا : الصّلاة بالنسبة لغير المسلمين يقصد بها صلاتهم التي يتوجهون فيها إلى الله ويخشونه ، أمّا بالنسبة للمسلمين فيقول بعض : إنّها خاصّة بصلاة العصر ، وفي بعض الرّوايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام إشارة إلى ذلك ، إلّا أنّ ظاهر الآية هو الإطلاق ويشمل الصلوات جميعها ، ولعل ذكر صلاة العصر في رواياتنا يعود إلى جانبه الاستحبابي ، إذ أنّ الناس يشتركون أكثر في صلاة العصر ، ثمّ ان وقت العصر كان الوقت المألوف للتحكيم والقضاء بين المسلمين.
رابعا : اختيار وقت الصّلاة للشهادة يعود إلى أنّ المرء في هذا الوقت يعيش آثار الصّلاة التي (تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (١) وأنّه في هذا الظرف الزماني والمكاني يكون أقرب إلى الحقّ ، بل قال بعضهم : إنّ من الأفضل أن تكون الشهادة في «مكّة» عند الكعبة وبين «الركن» و «المقام» باعتباره من أقدس الأمكنة ، وفي المدينة تكون جنب قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي الآية التّالية يدور الكلام على ثبوت خيانة الشاهدين إذا شهدا بغير
__________________
(١) العنكبوت ، ٤٥.