المسيح عليهالسلام فاستجابوا (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ).
إن للوحي في القرآن معنى واسعا لا ينحصر في الوحي الذي ينزل على الأنبياء ، بل أن الإلهام الذي ينزل على قلوب الناس يعتبر من مصاديقه أيضا ، لذلك جاء هذا المعنى في الآية (٧) من سورة القصص بشأن أم موسى التي أوحي إليها (١) بل إن الكلمة تطلق في القرآن حتى على الغرائز التكوينية عند الحيوان ، كالنحل.
وهناك احتمال أن يكون المقصود هو الإيحاء الذي كان يلقيه المسيح عليهالسلام بواسطة المعاجز في نفوسهم.
لقد تناولنا الحواريين وأصحاب المسيح عليهالسلام بالبحث في تفسير آية (٥٢) آل عمران هذا التّفسير.
ثمّ تذكر الآية نزول المائدة من السماء : (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ).
«المائدة» تعني في اللغة الخوان والسفرة والطبق ، كما تعني الطعام الذي يوضع عليها وأصلها من «ميد» بمعنى التحرك والاهتزاز ، ولعل سبب إطلاق لفظة المائدة على السفرة والطعام هو ما يلازمها من تحريك وانتقال.
شعر المسيح عليهالسلام بالقلق من طلب الحواريين هذا الذي يدل على الشك والتردد ، على الرغم من كل تلك الأدلة والآيات ، فخاطبهم و (قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
ولكنّهم سرعان ما أكّدوا للمسيح عليهالسلام أن هدفهم برىء ، وأنّهم لا يقصدون العناد واللجاج ، بل يريدون الأكل منها (مضافا إلى الحالة النّورانية في قلوبهم المترتبة على تناول الغذاء السماوي لأنّ للغذاء ونوعيته اثر مسلّم في روح الإنسان) (قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا ، وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ
__________________
(١) (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ...)