يوم لا شفيع ينفع ولا ولي سوى الله : (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ).
إنّهم يؤمئذ في حال صعبة مؤلمة يرزحون في قيود أعمالهم بحيث إنّهم يرتضون أن يدفعوا أية غرامة (إن كان عندهم ما يدفعونه) ولكنّها لن تقبل منهم : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) (١).
ذلك لأنّهم يكونون بين مخالب أعمالهم ، ولا فدية تنجيهم ، ولا توبة تنفعهم بعد أن فات الأوان : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا).
ثمّ يشار إلى جانب ممّا سيصيبهم من العذاب الأليم بسبب إعراضهم عن الحق والحقيقة : (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ).
إنّهم يتعذّبون بالماء الحريق من الداخل ، ويكتوون بنار الجحيم.
يجدر الانتباه هنا إلى أن جملة (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) هي بمثابة السبب الذي يمنع من قبول الغرامة ومن قبول أي شفيع وولي ، أي أن عقابهم ليس لعلة خارجية بحيث يمكن دفعها بشكل من الأشكال ، بل ينبع من داخل الذات وسلوكها وأعمالها ، إنّهم أسرى أعمالهم القبيحة ، لذلك لا مفر لهم ، لأنّ فرار المرء من أعماله وآثارها إنّما هو فرار من ذاته ، وهو غير ممكن.
غير أنّنا لا بدّ أن نعلم أنّ هذه الحالة من الشدّة والصعوبة وانعدام طريق العودة ورفض الشفاعة إنّما تكون بحق الذين أصروا على كفرهم واستمروا عليه ، كما يتبيّن من عبارة : (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (الفعل المضارع يفيد الاستمرارية).
* * *
__________________
(١) «العدل» بمعنى «المعادل» وهو ما يدفع جزاء وغرامة لقاء التحرر ، وهو أشبه في الواقع بما يفتدى به.