فَيَكُونُ) (١).
يحتمل بعضهم أنّ هذه العبارة تشير إلى مبدأ الخلق وإيجاد عالم الوجود ، حيث خلق كل شيء بأمر الله ، ولكن بالنظر لأنّ الفعل «يقول» مضارع ، وهناك قبل هذه الآية إشارة إلى أصل الخلق ، وكذلك بالرجوع إلى الآيات التّالية ، يمكن القول بأنّ هذه العبارة تخص البعث ويوم القيامة.
سبق في تفسير الآية (١١٧) من سورة البقرة في المجلد الأوّل أن قلنا إنّ (كُنْ فَيَكُونُ) لا تعني إصدار أمر لفظي لشيء أن يكون فيكون ، بل تعني إنّه إذا شاء خلق شيء ، فإنّ إرادته تتحقق دون حاجة الى وجود أي عامل آخر ، فإذا شاء أن يتحقق الشيء فهو يتحقق فورا. وإذا شاء أن يتحقق تدريجيا فإنّ خطّة تحققه التدريجي تبدأ.
ثمّ يضيف : أنّ ما يقوله الله هو الحق ، أي أنّه مثلما كان مبدأ الخلق ذا أهداف ونتائج ومصالح ، كذلك سيكون يوم القيامة : (قَوْلُهُ الْحَقُ).
وفي ذلك اليوم الذي ينفخ فيه في صور ويبعث الناس يوم القيامة ، يكون الحكم والملك لله : (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ).
حكومة الله على عالم الوجود ومالكيته له قائمتان منذ بداية الخلق حتى نهايته وفي يوم القيامة ، ولا يختص ذلك بيوم القيامة وحده ، لكن هناك عوامل وأسبابا تؤثر في مسار هذه الدنيا وتقدمها نحو أهدافها ، لذلك قد يغفل الإنسان أحيانا عن وجود الله وراء هذه الأسباب والعوامل ، أمّا في ذلك اليوم الذي تتعطل فيه جميع الأسباب والعوامل ، فإنّ حكومة الله ومالكيته تكونان أجلى وأوضح من أي وقت سابق ، كما جاء في آية أخرى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ
__________________
(١) يختلف المفسرون في متعلق الظرف «يوم» ، فبعض يعلقه بجملة «خلق» وبعض يعلقه بجملة «اذكروا» المحذوفة ، ولكن لا يستبعد أن يكون متعلقا بجملة «يكون» ، فيصبح المعنى : يكون يوم القيامة يوم يقول له كن.