بإبراهيم الموحد العابد لله الواحد ، أن يشير إلى كوكب في السماء ويقول : هذا ربّي؟ ومن بين آراء المفسّرين الكثيرة نقف عند تفسيرين قد اختار كلا منهما عدد من كبار المفسّرين ، كما أنّهما مدعومان بشواهد من المصادر الحديثية :
الأوّل : يقول إنّ إبراهيم كان يريد شخصيا أن يفكر في معرفة الله وأن يعثر على المعبود الذي كان يجده بفطرته النقية في أعماق ذاته ، إنّه كان يعرف الله بنور فطرته ودليل العقل الإجمالي إذ إنّ كل تعبيراته تدل على أنّه لم يكن يشك أبدا في وجوده ، ولكنّه كان يبحث عن مصداقه الحقيقي ، بل لقد كان يعلم بمصداقه الحقيقي أيضا ، ولكنّه كان يريد أن يصل عن طريق الاستدلال العقلي الأوضح إلى مرحلة «حق اليقين».
وقد وقعت له هذه الحوادث قبل نبوته ، ويحتمل أن تكون في أوّل بلوغه أو قبيل ذلك.
نقرأ في بعض التواريخ والرّوايات أنّ هذه كانت المرّة الأولى التي يرنو فيها إبراهيم بنظره إلى السماء وإلى كواكبها الساطعة ، لأن أمّه كانت منذ طفولته قد أخفته في عار خوفا عليه من بطش نمرود الجبار وجلاوزته.
غير أنّ هذا الاحتمال يبدو بعيدا ، إذ يصعب أن نتصور إنسانا يعيش سنوات طويلة في بطن غار ولا يخلو خارجه ، ولو مرّة ، في ليلة ظلماء ، فلعل الذي قوى هذا الاحتمال في نظر بعض المفسّرين هو تعبير (رَأى كَوْكَباً) الذي يوحي بأنه لم يكن قد رأى كوكبا حتى ذلك الحين ، ولكن هذا التعبير لا يحمل في الواقع مثل هذا المفهوم ، بل المقصود هو أنّه ، وإن كان قد رأى الكواكب والشمس والقمر مرات حتى ذلك الوقت ، فقد ألقى الأوّل مرّة نظرة فاحصة مستطلعة إلى هذه الظواهر. وكان يفكر في مغزى بزوغها وأفولها ونفي الألوهية عنها ، في الحقيقة كان إبراهيم قد رآها مرارا ، ولكن لا بتلك النظرة.
لذلك فإنه عند ما يقول : (هذا رَبِّي) لا يقولها قاطعا جازما ، بل يقولها من باب