١ ـ في الآية الأولى من الآيات التي نحن بصددها ، كلمة «كذلك ...» تلفت النظر ، وهي تعني : إنّنا مثلما أوضحنا عقلا أضرار عبادة الأصنام لإبراهيم ، كذلك نريه مالكية الله للسماوات والأرض وحكمه عليها ، يقول بعض المفسّرين : ذلك يعني : إنّنا كما أريناك قدرة الله وحكمه على السموات ، أريناها لإبراهيم أيضا لكي يزداد معرفة بالله.
٢ ـ أصل «الجن» ستر الشيء عن الحاسة ، فمعنى الآية هو : عند ما ستر الليل ملامح الكائنات عن إبراهيم ... وإطلاق كلمة «مجنون» على المخبول لإسدال ستار على عقله ، وإطلاق «الجن» على الكائنات غير المرئية جاء من هذا الباب ، وكذلك الجنين لاختفائه عن الأنظار في رحم أمه ، و «الجنّة» هي البستان التي اختفت أرضها تحت أغصان الأشجار ، وقيل للقلب «الجنان» لاستتاره في الصدر ، أو لأنّه يخفي أسرار الإنسان.
٣ ـ وبشأن تعيين الكوكب الذي رآه إبراهيم ، ذهب المفسّرون مذاهب شتى ، غير أنّ معظمهم يراه «الزهرة» أو «المشتري» ويذكر التّأريخ أنّ القدامى كانوا يعبدون هذين الكوكبين من بين آلهتهم ، أمّا الحديث المنقول عن الإمام الرضا عليهالسلام في «عيون الأخبار» فيقول : إنّ ذلك الكوكب كان «الزهرة» ، وهذا ما جاء أيضا في تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليهالسلام (١).
يقول بعض المفسّرين أنّ أهالي كلدة وبابل شرعوا في محاربة عبدة الأصنام ، وراحوا يختارون السيارات باعتبار كل واحدة منها تمثل إلها لنوع من أنواع الأشياء من ذلك أنّهم اعتبروا «المريخ» إله الحرب ، و «المشتري» إله العدل والعلم ، و «عطارد» إليه الوزراء و «الشمس» ملك الآلهة جميعا (٢).
٤ ـ «بازغ» من «بزغ» وبزغه : شقه وأسال دمه ، ولذلك تطلق على عمل
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٣٥ و ٧٣٧.
(٢) تفسير أبي الفتوح ، ج ٤ ، ص ٤٦٧ ـ الهامش.