المساعي والجهود التي يبذلها فريق من العلماء في العالم للحيلولة دون انعدام الأمن ، فإنّ الهوة بين العالم وحالة الأمن والاستقرار تتسع يوما بعد يوم إنّ السبب هو ما جاء في الآية المذكورة : تزلزل أركان الإيمان ، وقيام الظلم مقام العدالة.
إنّ تأثير الإيمان في الاطمئنان النفسي والهدوء الروحي لا يمكن إنكاره ، كما لا يخفى على أحد حالات تبكيت الضمير والقلق النفسي بسبب ارتكاب المظالم.
روي عن الإمام الصّادق عليهالسلام في قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) قال : «بما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الولاية ، ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان» (١).
هذا التّفسير يستهدف ـ في الحقيقة ـ بيان روح الموضوع في الآية الشريفة ، إذ أنّ الكلام يدور حول ولاية الله وعدم خلطها بولاية غيره ، ولما كانت ولاية أمير المؤمنين عليعليهالسلام بموجب (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) .. قبسا من ولاية الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والولايات غير المعينة من قبل الله ليست كذلك ، فإنّ هذه الآية من خلال نظرة واسعة تشمل الجميع ، وعليه ليس المقصود من هذا الحديث أن ينحصر معنى الآية في هذا فقط ، بل إنّ هذا التّفسير قبس من مفهوم الآية الأصلي.
لذلك نجد في حديث آخر عن الإمام الصّادق عليهالسلام أنّه جعل هذه الآية تشمل الخوارج الذين خرجوا من ولاية الله ودخلوا في ولاية الشيطان (٢).
الآية التّالية فيها إشارة إجمالية لما مضى من بحث بشأن التوحيد ومجابهة الشرك كما جاء في لسان إبراهيم : فتقول : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ).
صحيح أنّ تلك الاستدلالات كانت منطقية توصّل إليها إبراهيم بقوّة العقل
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٤٠.
(٢) تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٥٣٨.