التّفسير
يختلف المفسّرون حول كون هذه الآية واردة بشأن اليهود أو المشركين ، ولمّا لم تكن لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مباحثات مع اليهود في مكّة ، بل بدأت في المدينة ، وهذا السورة مكّية ، لذلك يرى بعضهم أنّ هذه الآية قد نزلت في المدينة ، إلّا أنّها وضعت في هذه السّورة المكية بأمر من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولهذا في القرآن ما يشابهه.
لاتضاح الحقيقة يجب أن نتعرف أوّلا على تفسير الآية الإجمالي ، ثمّ نبحث عمن تتحدث عنه الآية ، وعمّا تستهدفه.
في البداية تقول الآية : إنّهم لم يعرفوا الله معرفة صحيحة وأنكروا نزول كتاب سماوي على أحد : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ).
فيأمر الله رسوله أن (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ).
ذلك الكتاب الذي جعلتموه صحائف متناثرة ، تظهرون منه ما ينفعكم وتخفون ما تظنونه يضرّكم : (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً).
إنّكم تتعلمون من هذا الكتاب السماوي أمورا كثيرة لم تكونوا أنتم ولاءاباؤكم تعلمون عنها شيئا : (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ).
وفي ختام الآية يؤمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يذكر الله وأن يترك أولئك في أباطيلهم وعنادهم ولعبهم : (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ).
إذا كانت هذه الآية قد نزلت في المدينة وكان اليهود هم المعنيين بها ، يكون المعنى أنّ جمعا من اليهود كانوا ينكرون نزول كتاب سماوي على الأنبياء.
ولكن هل يمكن أن ينكر اليهود ـ اتباع التّوراة ـ نزول كتاب سماوي؟ نعم ، وسيزول عجبك إذا علمت المسألة التّالية : لو أمعنا النظر في العهد الجديد