جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
والأموال التي وهبناها لكم وكنتم تستندون إليها في حياتكم ، قد خلفتموها وراءكم ، وجئتم صفر الأيدي : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ) (١).
ولا نرى معكم تلك الأصنام التي قلتم إنّها سوف تشفع لكم وظننتم أنّها شريكة في تعيين مصائركم (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ).
ولكن الواقع أنّ جمعكم قد تبدد ، وتقطعت جميع الروابط بينكم : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ).
وكل ما ظننتموه وما كنتم تستندون إليه قد تلاشى وضاع : (وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).
كان المشركون العرب يستندون في حياتهم إلى أشياء ثلاثة : القبيلة أو العشيرة التي كانوا ينتمون إليها ، والأموال التي جمعوها لأنفسهم ، والأصنام التي اعتبروها شريكة لله في تقرير مصير الإنسان وشفيعة لهم عند الله ، والآية في كل جملة من جملها الثلاث تشير إلى واحدة من هذه الأمور ، وإلى أنّها عند الموت تودعه وتتركه وحيدا فريدا.
هنا ينبغي الالتفات إلى نقطتين :
١ ـ نظرا لمجيء هذه الآية في أعقاب الآية السابقة التي تحدثت عن قيام الملائكة بقبض الأرواح عند الموت ، وكذلك بالنظر إلى عبارة : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ) ، نفهم أنّ هذا الكلام يقال لهم عند الموت أيضا ، ولكن من جانب الله ، غير أنّ بعض الرّوايات تقول : إنّ هذا الخطاب يوجه إليهم يوم القيامة ، على أي حال فإنّ الهدف لا يختلف في الحالين.
__________________
(١) «خولناكم» من «الخول» وهو إعطاء ما يحتاج إلى التعهد والتدبير والإدارة ، وهو النعم التي يسبغها الله تعالى على عباده.