وفي النهاية تبيّن الآية أنّ مجال فضل الله وكرمه واسع ، وهو يعرف الأفكاء والمؤهلين من عباده ، وكما تقول الآية : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
لقد نقلت الرّوايات الإسلامية التي أوردها المفسّرون أقوالا كثيرة حول هوية الأشخاص المعنيين بهذه الآية ، فمن هم أنصار الإسلام هؤلاء الذين مدحهم الله بهذه الصفات؟
في الكثير من الرّوايات الواردة عن طرق الشيعة والسنة نقرأ أن هذه الآية نزلت في حقّ (علي بن أبي طالب عليهالسلام) وقتاله للناكثين والقاسطين والمارقين (مثيري حرب الجمل ، وجيش معاوية ، والخوارج) ، وممّا يدل على ذلك قول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين رأى عجز قادة جيش الإسلام عن فتح حصن خيبر ، حيث وجه صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم الخطاب في إحدى الليالي وفي مقر جيش الإسلام قائلا : لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده» (١).
ونقرأ في رواية أخرى أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن هذه الآية فوضع صلىاللهعليهوآلهوسلم يده الشريفة على كتف «سلمان» وقال ما مضمونه : «هذا وأنصاره وبني قومه ...» وبذلك تنبّأ النّبي عن إسلام الإيرانيين وجهودهم ومساعيهم المثمرة في خدمة هذا الدين في المجالات المختلفة ، ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو كان الدين (وفي رواية أخرى ـ لو كان العلم ـ) معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس» (٢).
وذكرت روايات أخرى أن هذه الآية نزلت في شأن أنصار المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف الذين سيواجهون الارتداد والمرتدين بكل قوّة
__________________
(١) وقد ورد في تفسير (البرهان) و (نور الثقلين) العديد من الرّوايات ، منقولة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في هذا المجال ، كما نقل (الثعلبي) وهو أحد علماء السنة هذه الرّوايات (راجع كتاب إحقاق الحق ، ج ٣ ، ص ٢٠٠).
(٢) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٠٨ ـ نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٦٤٢ ـ أبو نعيم الأصفهاني في الحلية ، ج ٦ ، ص ٦٤ نقلوا هذا الحديث على الوجه التالي : «لو كان العلم منوطا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس»
أمّاابن عبد البر فقد نقل الحديث على الصورة التّالية : «لو كان الدين عند الثريا لناله سلمان ...» وذلك في الإستيعاب ، ج ٢ ، ص ٥٧٧.