الاحتمالين غير صحيح ، فالموضوع إمّا أن يكون الآية (١١٥) من سورة النحل التي تذكر بعض اللحوم المحرم أكلها ، وخاصّة التي لم يذكر عليها اسم الله ، أو أن يكون المراد التعاليم التي كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بينها بشأن اللحوم ، لأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يتحدث إلّا بوحي.
ثمّ يستثني من ذلك حالة واحدة : (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) سواء كان هذا الاضطرار ناشئا من وجود الإنسان في البيداء وتحت ضغط الجوع الشديد ، أو الوقوع تحت سيطرة المشركين الذين قد يجبرونه على أكل لحومهم.
ثمّ تشير الآية إلى أنّ كثيرا من الناس يحاولون أن يضلوا الآخرين عن جهل أو عن إتباع الهوى : (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
وعلى الرغم من أنّ إتباع الهوى مصحوب دائما بالجهل ، ولكنّه يكرر ذلك للتوكيد فيقول : (... بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
يستفاد من هذا التعبير أيضا أنّ العلم الصحيح لا يقترن باتّباع الهوى والانسياق مع الخيال ، وحيثما اقترن فهو الجهل لا العلم.
يلزم القول أنّ الجملة المذكورة ربّما تكون إشارة إلى ما كان سائدا بين المشركين العرب الذين كانوا يسوغون لأنفسهم أكل لحوم الحيوانات الميتة بالقول : أيجوز أن تعتبر لحوم الحيوانات التي نقتلها بأنفسنا حلالا ، ولحوم الحيوانات التي يقتلها الله حراما؟
بديهي أنّ هذا لم يكن سوى سفسطة فارغة ، لأنّ الحيوان الميت ليس حيوانا ذبحه الله ليمكن مقارنته بالحيوانات المذبوحة ، إذ إنّ الحيوان الميت بؤرة الأمراض ، ولحمه فاسد ، ولهذا حرم الله أكله ، وأخيرا يقول : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) الذين يحاولون بهذه الأدلة الواهية تنكّب طريق الحق ، بل يسعون إلى إضلال الآخرين.
الآية الثّالثة تذكر قانونا عاما ، لاحتمال أن يرتكب بعضهم هذا الإثم في