معابدها والأضاحي وعلى أنفسهم أيضا (١).
سبب اعتبارهم الأصنام شركاءهم يعود إلى كونهم يرونها شريكة لهم في أموالهم وحياتهم.
وتعبير (مِمَّا ذَرَأَ) أي ممّا خلق ، يشير إلى بطلان مزاعمهم ، إذ إنّ كل أموالهم وما يملكون هو ممّا خلق الله فكيف يجعلون نصيبا منه لله ونصيبا منه للأصنام؟!
ثمّ تشير الآية إلى واحد من أحكامهم العجيبة وهو الحكم بأنّ ما خصصوه لشركائهم لا يصل إلى الله ، ولكن ما خصصوه لله يصل إلى شركائهم (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ).
اختلف المفسّرون بشأن المقصود من هذه الآية ، ولكن آراءهم كلها تدور حول حقيقة واحدة ، هي أنّه إذا أصاب نصيب الله ضرر على أثر حادثة قالوا : هذا لا أهمية له لأنّ الله لا حاجة به إليه ، ولكن إذا أصاب الضرر نصيب أصنامهم عوضوا عنه من نصيب الله ، قائلين : إنّ الأصنام أشد حاجة إليه.
كما أنّهم إذا نفذ الماء المار بمزرعة الله إلى مزرعة الأصنام قالوا : لا مانع من ذلك ، فالله ليس محتاجا ، ولكن إذا حدث العكس منعوا الماء المتسرب إلى مزرعة الله ، قائلين : إنّ الأصنام أحوج!
وفي الختام تدين الآية هذه الخرافات فتقول : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ).
إنّ قبح عملهم ـ فضلا عن قبح عبادة الأصنام ـ يتبيّن في الأمور التّالية.
١ ـ على الرغم من أنّ كل شيء هو من خلق الله ، وملك له دون منازع ، وأنّه هو الحاكم على كل الكائنات وهو مدبرها وحافظها فإنّهم إنّما كانوا يخصصون جانبا من ذلك كله لله ، وكأنّهم هم المالكون الأصليون ، وكأنّ حق التقسيم بيدهم ، (إنّ جملة (مِمَّا ذَرَأَ) تشير إلى هذا كما قلنا).
٢ ـ لقد كانوا في هذا التقسيم يلزمون جانب الأصنام ويفضلون ما لها على ما
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ٨ ، ص ١٢٢.