الأولاد خشية الإملاق.
يحتمل أيضا أن يكون المقصود بتزيين الأصنام هذه الجريمة ، هو أن القائمين على أمر الأصنام والمعابد هم الذين كانوا يحرضونهم على هذا العمل ويزينونه لهم ، باعتبارهم الألسنة الداعية باسم الأصنام ، فقد جاء في التّأريخ أنّ العرب كانوا إذا عزموا على السفر أو الأعمال المهمّة ، طلبوا الإذن من «هبل» كبير أصنامهم ، وذلك بأن يضربوا بالقداح ، أي بأسهم الميسر ، فقد كان هناك كيس معلق بجانب هبل فيه سهام كتب على مقابضها «افعل» أو «لا تفعل» ، فكانوا يخلطون السهام ثمّ يسحبون واحدا منها ، فما كتب عليه يكون هو الأمر الصادر من هبل ، وبهذه الطريقة كانوا يتصورون أنّهم يكتشفون آراء أصنامهم ، فلا يستبعد أنّهم في مسألة قتل أولادهم قرابين للأصنام كانوا يلجأون إلى أولياء المعابد ليأتوهم بما تأمر به الأصنام.
هنالك أيضا الاحتمال القائل بأن وأد البنات ـ الذي كان سائدا ، كما يقول التّأريخ بين قبائل بني تميم لرفع العار ـ كان أمرا صادرا عن الأصنام ، فقد جاء في التّأريخ أنّ «النعمان بن المنذر» هاجم بعض العرب وأسر نساءهم وفيهن ابنة «قيس بن عاصم» ثمّ أقرّ الصلح بينهم وعادت كل امرأة إلى عشيرتها ، عدا ابنة قيس التي فضلت البقاء عند العدو لعلها تتزوج أحد شبانهم ، فكان وقع هذا شديدا على قيس ، فاقسم بالأصنام انّه إذا رزق بابنة أخرى فانه سوف يئدها حية ، ثمّ لم يمض زمن طويل حتى أصبح هذا العمل الشائن سنّة بينهم ، وباسم الدفاع عن العرض راحوا يرتكبون أفظع جريمة بقتلهم أولادهم الأبرياء(١).
وعليه ، فإنّ وأد البنات يمكن أن يكون مشمولا بمفهوم هذه الآية.
هنالك أيضا احتمال آخر في تفسير هذه الآية وان لم يتطرق إليه المفسّرون ،
__________________
(١) يتصور بعض أنّ كلمة «أولاد» في الآية لا تنسجم مع هذا التّفسير ، غير أنّ لهذه الكلمة معنى واسعا يشمل الأبناء والبنات ، وكما جاء في الآية (٢٢٣) من سورة البقرة : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ).
.