بصيغة كلية عامّة حتى إذا كان مصداقه منحصرا في شخص واحد ، وقد ورد في كثير من آي القرآن ضمير الجمع للدلالة على الله الواحد الأحد ، وذلك تعظيما له جلّ شأنه.
وبديهي أنّ استخدام صيغة الجمع للدلالة على الواحد يعتبر خلافا للظاهر ، ولا يجوز بدون قرينة ولكن مع وجود الرّوايات الكثيرة الواردة في شأن نزول الآية تكون لدينا قرينة واضحة على هذا التّفسير وقد اكتفى في موارد أخرى بأقل من هذه القرينة؟!
٢ ـ وقال الفخر الرّازي ومتطرفون آخرون : أنّ عليّا عليهالسلام بما عرف عنه من خشوع وخضوع إلى الله ، بالأخص في حالة الصّلاة (إلى درجة ، أنّهم استلوا أثناء صلاته سهما كان مغروزا في رجله ، دون أن يحس بالألم كما في (الرواية المعروفة) فكيف يمكن القول بأنّه سمع أثناء صلاته كلام السائل والتفت إليه؟!
الجواب :
إنّ الذين جاؤوا بهذا الاعتراض قد غفلوا عن أن سماع صوت السائل والسعي لمساعدته لا يعتبر دليلا على الانصراف والتوجه إلى النفس ، بل هو عين التوجه إلى الله ، وعلي عليهالسلام كان أثناء صلاته يتجرد عن ذاته وينصرف بكله إلى الله ، ومعروف أن التنصل عن خلق الله يعتبر تنصلا أيضا عن الله ، وبعبارة أوضح : أن أداء الزّكاة أثناء الصّلاة يعد عبادة ضمن عبادة أخرى ، وليس معناه القيام مباح ضمن العبادة ، بعبارة ثالثة : إنّ ما يلائم روح العبادة هو الانشغال والانصراف أثناءها إلى الأمور الخاصّة بالحياة والشخصية ، بينما التوجه إلى ما فيه رضى الله تعالى يتلائم بصورة تامّة مع روح العبادة ويؤكّدها.
ومن الضروري أن تؤكّد هنا أن الذوبان في التوجه إلى الله ، ليس معناه أن يفقد الإنسان الإحساس بنفسه ، ولا أن يكون بدون إرادة ، بل الإنسان بإرادته يصرف عن نفسه التفكير في أي شيء لا صلة له بالله.