حتى لاستماع كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل ربّما أثاروا ضجيجا ، ورفعوا الأصوات في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند قراءته للآيات القرآنية ليضيع في زحمتها وخضمّها نداؤه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو ما أشارت إليه بعض الآيات (مثل الآية ٢٦ سورة فصلت السجدة).
كما أننا نقرأ في بعض الرّوايات والأحاديث المروية عن أهل البيت عليهمالسلام أنّ هذه الحروف رموز وإشارة إلى أسماء الله ، فـ «المص» في السورة المبحوثة مثلا إشارة إلى جملة : أنا الله المقتدر الصادق.
وبهذا الطريق يكون كل واحد من الحروف الأربعة صورة مختصرة عن أحد أسماء الله تعالى.
ثمّ إنّ موضوع إحلال الصياغات المختصرة محلّ الصياغات المفصّلة للكلمات كان أمرا رائجا من قديم الزمان ، وإن حصل مثل هذا في عصرنا أيضا بشكل أوسع ، حيث اختصرت الكثير من العبارات الطويلة ، وكذا أسامي المؤسسات أو الهيئات في كلمة قصيرة أو أحرف معدودة.
على أن ثمّة نقطة تستحق التنويه بها هنا ، وهي أنّ التفاسير والتحاليل المختلفة عن «الحروف المقطعّة» لا تتنافي ولا تتناقض فيما بينها ، ويمكن أن تكون جميع التفاسير بطونا مختلفة من بطون القرآن.
ثمّ يقول تعالى في الآية اللاحقة : (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ).
و «الحرج» في اللغة يعني الشعور بالضيق وأي نوع من أنواع المعاناة ، والحرج في الأصل يعني مجتمع الشجر الملتفّ أوّلا ثمّ المنتشر ، وهو يطلق على كل نوع من أنواع الضيق.
إنّ العبارة الحاضرة تسلّي النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتطمئن خاطره بأنّ هذه الآيات نازلة من جانب الله تعالى فيجب أن لا يشعر صلىاللهعليهوآلهوسلم بأيّ ضيق وحرج ، لا من ناحية ثقل