الدينية من مدرسة أهل البيت ورثة النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يروا حاجة إلى اللجوء إلى القياس ، ولكن فقهاء السنة حيث أنّهم تجاهلوا مدرسة أهل البيت الذين هم حسب نص النّبي الملجأ الثّاني للمسلمين بعد القرآن الكريم لذلك واجهوا نقصا في مصادر الأحكام الإسلامية وأدلتها ، ولم يروا مناصا من اللجوء إلى القياس.
وأمّا في مورد الشيطان ، فنحن نقرأ في النصوص والرّوايات أنّه كان أوّل من قاس ، والنكتة فيها أنّه قاس خلقته ـ من الناحية المادية ـ بخلقة آدم ، وتمسك بأفضلية النّار على التراب في بعض الجهات ، واعتبر ذلك دليلا على أفضلية النّار من جميع النواحي ، من دون أن يلتفت إلى امتيازات التراب ، بل ومن دون أن يلتفت إلى امتيازات آدم الروحانية والمعنوية ، فحكم على طريق ما يسمّى بقياس الأولوية ، ولكن قياسا على أساس التخمين والظن والدراسة السطحية والمحدودة ، بأفضليته على آدم ، بل ودفعه هذا القياس الباطل إلى تجاهل الأمر الإلهي.
والملفت للنظر أنّه ورد في بعض الرّوايات المروية عن الإمام الصادق عليهالسلام في مؤلفات الشيعة والسنة معا أنه قال : «من قاس أمر الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس»(١).
وباختصار ، إنّ قياس موضوع بموضوع آخر من دون علم بجميع أسراره وفلسفته ، لا يصح أن يكون دليلا على اتحاد حكمهما ، ولو أنّ القياس تطرق إلى مسائل الدين وقضايا الشريعة لم تبق للأحكام ضابطة ثابتة ، إذ يمكن حينئذ أن يقيس شخص ما موضوعا بنحو ، ويصدر حكما بحرمته ، ويقيس شخص آخر الموضوع نفسه بنحو آخر ويصدر حكما بحليّته.
والمورد الوحيد الذي يمكن استثناؤه من هذا الأمر هو ما إذا ذكر المقنّن أو الطبيب نفسه دليل حكمه وفلسفة قانونه ، ففي هذه الحالة يجوز لنا إذا رأينا هذا
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ٨ ، ص ٣٣١ ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٧.