خالدا أو نيل درجة الملائكة.
والشاهد على هذا الكلام هو العبارة التي قالها إبليس في سورة طه الآية ١٢٠ : (يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى).
فقد جاء في رواية رويت في تفسير القمي عن الإمام الصادق عليهالسلام ، وفي «عيون أخبار الرضا» عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام : فجاء إبليس فقال : «إنّكما إن أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين ، وبقيتما في الجنّة أبدا ، وإن لم تأكلا منها أخرجكما الله من الجنّة» (١).
ولما سمع آدم هذا الكلام غرق في التفكير ، ولكنّ الشيطان ـ من أجل أن يحكم قبضته ويعمّق وسوسته في روح آدم وحواء ـ توسّل بالأيمان المغلّظة للتدليل على أنه يريد لهما الخير! (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ).
لم يكن آدم يمتلك تجربة كافية عن الحياة ، ولم يكن قد وقع في حبائل الشيطان وخدعه بعد ، ولم يعرف بكذبه وتضليله قبل هذا ، كما أنّه لم يكن في مقدوره أن يصدّق بأن يأتي بمثل هذه الايمان المغلّظة كذبا ، وينشر مثل هذا الحبائل والشباك على طريقه.
ولهذا وقع في حبال الشيطان ، وانخدع بوسوسته في المآل ، ونزل بحبل خداعه المهترئ في بئر الوساوس الشيطانية للحصول على ماء الحياة الخالدة والملك الذي لا يبلى ، ولكنّه ليس فقط لم يظفر بماء الحياة كما ظنّ ، بل سقط في ورطة المخالفة والعصيان للأوامر الإلهية ، كما يعبّر القرآن عن ذلك ويلخصه في عبارة موجزة إذ يقول : (فَدَلَّاهُما بِغُرُور)(٢).
ومع أن آدم ـ نظرا لسابقة عداء الشيطان له ، ومع علمه بحكمة الله ورحمته
__________________
(١) نور الثقلين ، المجلد الثاني ، ص ١٣.
(٢) دلّى من مادة التدلية وتعني إرسال الدلو في البئر بحبل تدريجا ، وهذه ـ في حقيقتها ـ كناية لطيفة عن أنّ الشيطان أنزل بحبل مكره وخداعه آدم وزوجته من مقامهما الرفيع ، وأرسلهما إلى قعر بئر المشكلات والابتعاد عن الرحمة الإلهية.