سبحانه : (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) (١).
والتّفسير الآخر «معنوي» وهو أنّ المقصود من تلك الشجرة ـ كما في الرّوايات ـ هو ما عبّر عنها بـ «شجرة الحسد» لأنّ آدم طبقا لهذه الرّوايات ـ بعد ملاحظة مكانته ومقامه ـ تصوّر أنّه لا يوجد فوق مقامه مقام ، ولا فوق مكانته مكانة ، ولكن الله تعال أطلعه على مقام ثلة من الأولياء من ذريته وأبنائه (رسول الإسلام وأهل بيته) ، فحصل عند ما يشبه الحسد ، وكانت هذه هي الشجرة الممنوعة التي أمر آدم بأن لا يقربها.
وفي الحقيقة تناول آدم ـ طبقا لهذه الرّوايات ـ من شجرتين ، كانت إحداهما أقلّ منه مرتبة وأدنى منه منزلة ، وقد قادته إلى العالم المادي ، وكانت هي «الحنطة». والأخرى هي الشجرة المعنوية التي كانت تمثل مقام ثلة من أولياء الله ، والذي كان أعلى وأسمى من مقامه ومرتبته ، وحيث أنّه تعدّى حدّه في كلا الصعيدين ابتلي بذلك المصير المؤلم.
ولكن يجب أن نعلم أن هذا الحسد لم يكن من النوع الحرام منه ، بل كان مجرّد إحساس نفساني من دون أن تتبعه أية خطوة عملية على طبقه.
وحيث إنّ للآيات القرآنية ـ كما أسلفنا مرارا ـ معان متعدّدة ، فلا مانع من أن يكون كلا المعنيين مرادين من الآية.
ومن حسن الاتفاق أنّ كلمة «الشجرة» قد استعملت في القرآن الكريم في كلا المعنيين ، فحينا استعملت في المعنى المادي التعارف للشجرة مثل : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (٢) التي هي إشارة إلى شجرة الزيتون ، وتارة استعملت في الشجرة المعنوية مثل (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) التي يكون المراد منها إمّا طائفة من المشركين ، أو اليهود ، أو الأقوام الطاغية الأخرى مثل
__________________
(١) الصافات ، ١٤٦.
(٢) المؤمنون ، ٢٠.