غير قابلة للتفسير حسب الظاهر ، كما ليس فيها ما يخالف الموازين العقلية (ليكون قرينة على حملها على المعنى الكنائي) لهذا ليس هناك أي دليل على أن نعرض عن ظاهر الآيات ، ولا نحملها على معناها الحقيقي.
ولكن مع ذلك يمكن أن تحمل هذه الحادثة الواقعية الحسية إشارات إلى حياة النوع البشري في مستقبل هذه العالم.
يعني أنّ الإنسان المركب من قوّة «العقل» ومن «الغرائز الجامحة» والتي تجرّه كل واحدة منهما إلى جهة وناحية يواجه في خضم هذه الحياة الصاخبة دعاة كذّابين أصحاب سوابق سيئة مثل الشيطان ، يحاولون بوساوسهم المتواصلة إلقاء الستار والحجاب على عقله بغية عزله عنه ، وبغية خداعه وإضلاله وتركه حائرا في متاهات الحياة يبحث عن سراب.
إنّ أوّل نتيجة للاستسلام أمام الوساوس هو انهيار حاجز التقوى ، وسقوط لباسه ، وانكشاف مساوئه وسوءاته.
والأخرى هي الابتعاد عن مقام القرب إلى الله ، وسقوط الإنسان عن مقام الإنسانية الكريم ، والإخراج من جنة الأمن والطمأنينة ، والوقوع في دوامة الحياة المادية المضنية.
وفي هذه الحالة يمكن لقوّة العقل ـ أيضا ـ أن تساعد الإنسان وتعينه على النهوض من كبوته ، فيفكر فورا في تلافي ما فاته ، وجبران ما بدر منه ، فيبعثه العقل والتفكير إلى أن يعود إلى الله كي يعترف بكل شجاعة وصراحة بذنوبه ، اعترافا بناء واعيا مفيدا يعدّ منعطفا في حياته.
وفي هذا الوقت تمتد إليه يد الرحمة الإلهية مرّة أخرى ، وتنقذه وتخلصه من السقوط الأبديّ ، وإن كان لا يستطيع مع ذلك التخلص من آثار معصيته الوضعية ونتائجها الطبيعية مهما كانت قليلة ومحدودة. ولكن هذه الحادثة ستكون له درسا وعبرة ، وسيمكنه ذلك من أن يتخذ من هذه الهزيمة قاعدة صلبة لانتصاره في مستقبل الحياة ، ويستفيد من هذا الضرر نفعا كبيرا في المراحل القادمة من حياته.
* * *