الخاصّة ويكفرون بها عنادا ، فتقول : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
أسلوب هذه الآية ، ولحنها الخاص ، وتكرر توكيداتها ، وكذلك ابتداؤها بمخاطبة الرّسول (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) التي لم ترد في القرآن الكريم سوى مرّتين ، وتهديده بأنّ عدم تبليغ هذه الرسالة الخاصّة إنّما هو تقصير ـ وهذا لم يرد إلّا في هذه الآية وحدها ـ كل ذلك يدل على أنّ الكلام يدور حول أمر مهم جدا بحيث أن عدم تبليغه يعتبر عدم تبليغ للرسالة كلها.
لقد كان لهذا الأمر معارضون أشداء إلى درجة أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قلقا لخشيته من أنّ تلك المعارضة قد تثير بعض المشاكل بوجه الإسلام والمسلمين ، ولهذا يطمئنه الله تعالى من هذه الناحية.
هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي ـ مع الأخذ بنظر الإعتبار تأريخ نزول هذه الآية ـ وهو قطعا في أواخر حياة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : ترى ما هذا الموضوع المهم الذي يأمر الله رسوله ـ مؤكّدا ـ أن يبلّغه للناس؟
هل هو ممّا يخص التوحيد والشرك وتحطيم الأصنام ، وهو ما تمّ حله للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وللمسلمين قبل ذلك بسنوات؟
أم هو ممّا يتعلق بالأحكام والقوانين الإسلامية ، مع أنّ أهمها كان قد سبق نزوله حتى ذلك الوقت؟
أم هو الوقوف بوجه أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، مع أنّنا نعرف أنّ هذا لم يعد مشكلة بعد الانتهاء من حوادث بني النضير وبني قريظة وبني قينقاع وخيبر وفدك ونجران؟
أم كان أمرا من الأمور التي لها صلة بشأن المنافقين ، مع أنّ هؤلاء قد طردوا من المجتمع الإسلامي بعد فتح مكّة ، وامتداد نفوذ المسلمين وسيطرتهم على أرجاء الجزيرة العربية كافة ، فتحطمت قوتهم ، ولم يبق عندهم إلّا ما كانوا يخفونه مقهورين؟