ونحن لا نعني ـ طبعا ـ أنّ العلماء والمفسّرين الذين مرّ ذكرهم قد قبلوا نزول الآية في علي عليهالسلام ، بل نقصد أنّهم ذكروا ـ فقط ـ الرّوايات الخاصّة بذلك في كتبهم ، ولكنّهم بعد أن نقلوا تلك الرّوايات المعروفة ، امتنعوا عن قبولها ، إمّا خوفا من الظروف التي كانت تحيط بهم ، وإمّا لأنّ التسرع في الحكم وقف حائلا دون إصدار حكم سليم في أمثال هذه الأمور ، بل لقد سعوا ـ قدر إمكانهم ـ أن يعتموا الرؤية الصحيحة لها ويظهروها بشكل هامشي.
فهذا الرازي ـ مثلا ـ وهو المعروف بتعصبه المذهبي في مسائل خاصّة ، أدرج سبب نزول هذه الآية كاحتمال عاشر بعد إيراده تسعة احتمالات أخرى كلها واهية وضعيفة ولا قيمة لها.
وليس هذا بمستغرب من الرازي ، فهذا شأنه في كل المواضيع. لكنّنا نتعجب من كتّاب مثقفين أمثال سيد قطب ، في تفسيره «في ظلال القرآن» ومحمّد رشيد رضا في تفسيره «المنار» ، الذين أهملوا ـ كليا ـ الإشارة إلى سبب نزول هذه الآية المذكور في أمهات المصادر الإسلامية ، أو ضعّفوا أهميته بحيث أصبح بتصويرهم لا يستلفت نظرا.
هل كانت الظروف المحيطة بهؤلاء لا تسمح لهم بذكر الحقيقة؟ أم أنّ حجب التعصب أكثف من أن تخترقها أشعة التنوير؟! لا ندري!!
وهناك آخرون اعتبروا نزول الآية في علي عليهالسلام أمرا مسلّما به ، ولكنّهم ترددوا في الإقرار بأنّها تدل على الولاية والخلافة. وسنردّ ـ إن شاء الله ـ على إشكالات هؤلاء.
على كل حال ، إنّ الرّوايات المنقولة في كتب أهل السنّة المعروفة ـ دع عنك كتب الشيعة ـ في هذا الموضوع من الكثرة بحيث لا يمكن إنكارها أو تجاوزها بسهولة.
لسنا ندري لماذا يكتفى في أسباب نزول سائر الآيات بحديث واحد أو