لأكتفي فيها ـ كما قلنا ـ بأقل ممّا ورد فيها من روايات ومن قرائن موجودة في الآية نفسها ، فكثير من كبار المفسّرين المسلمين يكتفون في تفسير سائر الآيات القرآنية حتى بعشر الرّوايات الموجودة بشأن هذه الآية ، أو أقل من ذلك. ولكن ممّا يؤسف له أنّ حجاب التعصب قد حال دون قبول كثير من الحقائق.
إنّ الذين يحملون لواء المخالفة تجاه تفسير هذه الآية والرّوايات الكثيرة الواردة بشأن نزولها ، والرّوايات المتواترة بخصوص أصل حادثة الغدير ، ينقسمون إلى قسمين :
قسم حمل منذ البداية روح العناد والتعنت ، وحمل بشدّة على الشيعة بالإهانة والسب والشتم.
وآخرون حافظوا ـ إلى حد ما ـ على الروح العلمية في البحث والتحقيق ، وتابعوا القضية عن طريق الاستدلال ، ولذلك فهم يعترفون بجانب من الحقائق ، ولكنّهم بعد إيرادهم بعض الإشكالات ـ التي ربّما كانت نتيجة لظروفهم الفكرية الخاصّة يتركون الوقوف عند الآية والرّوايات المرتبطة بها.
والنموذج البارز الذي يمثل القسم الأوّل هو ابن تيمية في كتابه «منهاج السنة» حيث يبدو فيه كمن يغمض عينيه في رابعة النهار ويضع أصابعه في أذنيه بشدّة ، ثمّ ينادي : أين الشمس؟ فلا هو مستعد أن يفتح طرفا من عينه ليرى بعض الحقائق ، ولا هو يرضى برفع أصابعه عن أذنيه كي يستمع الى ضجيج المحدثين والمفسّرين المسلمين ، بل يستمر في سبه وشتمه وإهاناته.
إنّ دافع هؤلاء هو الجهل وعدم الاطلاع والتعصب المقرون بالعناد ، ممّا دفع بهم إلى إنكار البديهيات والواضحات التي لا تخفى على أحد.
لذلك فنحن لا نجشم أنفسنا عناء نقل أقوالهم ، ولا نحمل القراء عناء سماع إجاباتهم ، فما ذا يمكن أن يقال لمن ينبري بكل وقاحة لتجاهل هذا الحشد الكبير من كبار علماء الإسلام والمفسّرين ـ ومعظمهم من أهل السنة ـ من الذين أعلنوا