كما إنّه لم يكن من الأمور التي تثير قلق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتخوفه حتى يطمئنه الله تعالى بشأنه.
ولا كان أمرا على هذا القدر من الأهمية بحيث تتخذ الآية هذا الأسلوب الشديد في مخاطبة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).
كل هذه تدل على أنّ الأمر كان أكثر من مجرّد محبّة عادية تلك المحبّة التي كانت من أوليات الأخوة الإسلامية منذ بزوغ فجر الدعوة الإسلامية.
ثمّ ، إذا كان القصد هو تبيان مثل هذه المحبة العادية ، فلما ذا يعمد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى استخلاص الاعترافات من الحاضرين قبل بيان قصده ، فيسألهم : «ألست أولى بكم من أنفسكم» (١)؟ أيتناسب هذا مع بيان محبّة عادية؟ثمّ إنّ المحبّة العادية لا تستدعي من الناس ، وحتى من عمر نفسه ، أن يهنئ علياعليهالسلام بقوله : «أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة» (٢).
حبّ المسلم واجب ، وعليّ كسائر المسلمين ، ويجب حبّه ، وليس في ذلك شيء جديد يستوجب التهنئة في ذلك اليوم وفي آخر سنة من حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمّ إنّ هناك ارتباطا بين حديث «الثقلين» (٣) وعبارات وداع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وموالاة علي عليهالسلام ، وإلّا فإنّ حبّ علي عليهالسلام حبّا عاديا لا يستدعي أن يجعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مصافّ القرآن!
أفلا يرى المنصف المحايد في التعبير الوارد في حديث الثقلين أنّ المسألة
__________________
(١) وردت هذه العبارة في روايات كثيرة.
(٢) هذا القسم من الحديث يعرف بحديث «التهنئة» وقد أورده كثير من كبار علماء الحديث والتّفسير والتّأريخ من أهل السنة ، عن طريق عدد من الصحابة ، مثل : ابن عباس ، وأبي هريرة ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم. وقد نقل العلّامة الأميني رحمهالله هذا الحديث في المجلد الأوّل من كتابه «الغدير» عن ستين عالما من علماء أهل السنة!.
(٣) «حديث الثقلين» من الأحاديث المتواترة التي وردت في كتب أهل السنة عن جمع من الصحابة ، منهم : أبو سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، وحذيفة بن أسيد ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وعبد الله بن حنطب ، وعبد بن حميد ، وجبير بن مطعم وضمرة الأسلمي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو رافع ، وأم سلمة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.