يتحدّث بلغة ـ من دون لسان ـ عن النتائج القطعية وغير القابلة للإنكار للتطبيقات العملية للمذاهب والخطط والبرامج عند كل قوم.
وقصص الماضين مجموعة من اكثر التجارب قيمة. ونعرف انّ خلاصة الحياة ومحصولها ليس شيئا سوى التجربة.
والتاريخ مرآة تنعكس عليها جميع ما للمجتمعات الانسانية من محاسن ومساوئ ورقي وانحطاط والعوامل لكلّ منها.
وعلى هذا فإنّ مطالعة تاريخ الماضين تجعل عمر الإنسان طويلا بقدر أعمارهم حقّا ، لانّها تضع مجموعة تجاربهم خلال أعمارهم تحت تصرفه واختياره.
ولهذا يقول الامام علي عليهالسلام في حديثه التاريخي خلال وصاياه لولده الحسن المجتبى في هذا الصدد : «اي بني اني وان لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في اعمالهم ، وفكّرت في اخبارهم ، وسرت في آثارهم ، حتى عدت كأحدهم ، بل كأنّي بما انتهى الي من أمورهم قد عمرت من اوّلهم الى آخرهم» (١).
والتاريخ الذي نتحدث عنه طبعا هو التاريخ الخالي من الخرافات والأكاذيب والتملّقات والتحريفات والمسوخات.
ولكن ـ وللأسف ـ مثل هذا النوع من التاريخ قليل جدا.
ولا ينبغي ان نبعد عن النظر ما للقرآن من اثر في بيان «نماذج» من التاريخ الأصيل واراءتها.
التاريخ الذي ينبغي ان يكون كالمرآة الصافية لا المقعّرة.
التاريخ الذي لا يتحدث عن الوقائع فحسب ، بل يصل الى الجذور ويسترشف النتائج.
فمع هذه الحال لم لا يستند القرآن ـ الذي هو كتاب تربوي عال في فصوله ـ
__________________
(١) نهج البلاغة ، من كتاب له عليهالسلام لولده الحسن المجتبى عليهالسلام.