مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) (١).
وإذا كنت تخشى عليه من سوء فنحن نواظب على حمايته (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
وبهذا الأسلوب خططوا لفصل أخيهم عن أبيه بمهارة ، ولعلّهم قالوا هذا الكلام امام يوسف ليطلب من أبيه إرساله معهم.
وهذه الخطة تركت الأب ـ من جانب ـ امام طريق مسدود ، فإذا لم يرسل يوسف مع اخوته فهو تأكيد على اتهامه ايّاهم ، وحرضت ـ من جانب آخر ـ يوسف على ان يطلب من أبيه الذهاب معهم ليتنزّه كما يتنزه اخوته ، ويستفيد من هذه الفرصة لاستنشاق الهواء الطلق خارج المدينة.
اجل ، هكذا تكون مؤامرات الذين ينتهزون الفرصة ، وغفلة الطرف الآخر ، فيستفيدوا من جميع الوسائل العاطفية والنفسيّة ، ولكن المؤمنين ينبغي الّا ينخدعوا بحكم الحديث المأثور «المؤمن كيّس» اي فطن ذكي فلا يركنوا للمظهر المنمّق حتى لو كان ذلك من أخيهم.
ولكن يعقوب ـ دون ان يتهم اخوة يوسف بسوء القصد ـ اظهر تردّده في إرسال يوسف لامرين : الاوّل : انه سيبتعد عنه فيحزن عليه ، والثاني : ربّما يوجد خارج المدينة بعض الذئاب المفترسة فتأكله ، فاعتذر إليهم و (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ).
وهذه المسألة طبيعية ، حيث قد يبتعد اخوة يوسف عنه فيغفلون عن امره ، فيأتي إليه الذئب فيأكله.
وبديهي انّ الاخوة لم يكن لهم جواب بالنسبة للأمر الاوّل الذي أشار اليه أبوهم يعقوب ، لانّ الحزن والاغتمام على فراق يوسف لم يكن شيئا عاديّا حتى
__________________
(١) «يرتع» من مادة «رتع» على وزن «قطع» ومعناه في الأصل رعي الأغنام والانعام بصورة عامّة للنباتات وشبعها منها ، ولكن قد يطلق هذا اللفظ (رتع ، يرتع) ويراد به تنزّه الإنسان وكثرة الاكل والشرب ايضا.