كما نلاحظ هذا الاستعمال على لسان يوسف ـ أيضا ـ حين جاءه مبعوث فرعون مصر ، إذ يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : (فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) (الآية ٥٠).
وفي الآية (٤١) من هذه السورة ، وذيل الآية (٤٢) أطلقت كلمة «ربّ» في لسان القرآن الكريم بمعنى المالك وصاحب النعمة. فعلى هذا تلاحظون انّ كلمة «ربّ» استعملت ٤ مرّات ـ سوى الآية محلّ البحث ـ في غير الله ، وإن كانت قد استعملت في هذه السورة وفي سور اخرى من القرآن في خصوص ربّ العالمين (الله) مرارا.
فالحاصل انّ هذه الكلمة من المشترك اللفظي وهي تستعمل في المعنيين.
ولكن رجّح بعض المفسّرين ان تكون كلمة «ربّ» في هذه الآية (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) يقصد بها الله .. لانّها جاءت بعد كلمة (مَعاذَ اللهِ) مباشرة ، وكونها الى جنب لفظ الجلالة صار سببا لعود الضمير في (إِنَّهُ رَبِّي) عليه فيكون معنى الآية : انّني ألتجئ الى الله وأعوذ به فهو الهي الذي اكرمني وعظم مقامي وكلّ ما عندي من النعم فهو منه.
ولكن مع ملاحظة وصية عزيز مصر لامراته (أَكْرِمِي مَثْواهُ) وتكرارها في الآية ـ محل البحث ـ يكون المعنى الاوّل اقرب وأقوى.
جاء في التوراة الفصل ٣٩ رقم ٨ و ٩ و ١٠ ما مؤدّاه : «وبعد هذا وقعت المقدّمات ، انّ امراة سيّده القت نظرتها على يوسف وقالت : اضطجع معي ، لكنّه ابى وقال لامراة سيّده : انّه سيّدي غير عارف بما معي في البيت ، وكلّ ما يملك مودع عندي ، ولا أجد اكبر منّي في هذا البيت ، ولم يزاحمني شيء سواك لانّك امرأته ، فكيف اقدم على هذا العمل القبيح جدّا ، واتجرّا في الذنب على الله». فهذه الجمل في التوراة تؤيّد المعنى الاوّل.
وهنا يبلغ امر يوسف وامراة العزيز الى ادقّ مرحلة واخطرها ، حيث يعبّر