لينال وطرا من امراة العزيز ، وخلع ثيابه عن بدنه ، وذكرت تعبيرات اخرى نستحيي من ذكرها ، كلّ هذه الأمور عارية من الصحّة ومختلقة ، وهذه اعمال من شأن الافراد والمنحرفين الملوّثين غير الانقياء. فكيف يمكن ان يتّهم يوسف مع هذه المنزلة وقداسة روحه ومقام تقواه بمثل هذا الاتّهام.
الطريف انّ التّفسير الاوّل نقل عن الامام علي بن موسى الرضا عليهالسلام في عبارة موجزة جدّا وقصيرة ، حيث يسأله المأمون «الخليفة العبّاسي» قائلا : الا تقولون انّ الأنبياء معصومون؟ فقال الامام : «بلى». فقال : فما تفسير هذه الآية (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) فقال الامام عليهالسلام : «لقد همّت به ، ولولا ان راى برهان ربّه لهمّ بها كما همّت ، لكنّه كان معصوما والمعصوم لا يهمّ بذنب ولا يأتيه» فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن (١).
٢ ـ انّ تصميم كلّ من امراة العزيز ويوسف لا علاقة له بالوطر الجنسي ، بل كان تصميما على ضرب أحدهما الآخر ..
فتصميم امراة العزيز على هذا العمل كان لعدم انتصارها في عشقها وبروز روح الانتقام فيها ثأرا لهذا العشق.
وتصميم يوسف كان دفاعا عن نفسه ، وعدم التسليم لطلب تلك المراة.
ومن جملة القرائن التي تذكر في هذا الموضوع :
اوّلا : انّ امراة العزيز كانت قد صمّمت على نيل الوطر الجنسي قبل هذه الحالة ، وكانت قد هيّأت مقدّمات هذا الأمر ، فلا مجال ـ اذن ـ لان يقول القرآن : انّها صمّمت على هذا العمل الآن ، لانّ هذه الساعة لم تكن ساعة تصميم.
وثانيا : انّ ظهور حالة الخشونة والانتقام بعد هذه الهزيمة امر طبيعي ، لانّها بذلت ما في وسعها لاقناع يوسف ، ولمّا لم توفّق الى ما رغبت فيه توسلّت بطريق آخر ، وهو طريق الخشونة والضرب.
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٤٢١.