بأسلوب معجب ـ الدقّة في البيان مع المتانة والعفّة ، دون ان يغضّ الطرف عن ذكر الوقائع ، او ان يظهر العجز ، وقد استعمل جميع الأصول الاخلاقية والأمور الخاصّة بالعفّة.
ونعرف انّ اخطر ما في هذه القصّة ما جرى في «خلوة العشق» وما أظهرته امراة العزيز بابتكارها وهواها.
والقرآن يتناول كلّ ما جرى من حوادث ويتحدّث عنها دون ان يظهر اقلّ انحراف من اصول العفّة حيث يقول : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (يوسف ٢٣).
والمسائل التي تسترعي الانتباه في هذه القصّة ما يلي :
١ ـ كلمة «راود» تستعمل في مكان يطلب فيه احد من الآخر شيئا بإصرار ممزوجا بالترغيب واللين ، لكن ما الذي ارادته امراة العزيز من يوسف؟! .. بما انّه كان واضحا فقد اكتفى القرآن بالكناية والتلميح دون التصريح!.
٢ ـ انّ القرآن هنا لم يعبّر عن امراة العزيز تعبيرا مباشرا ، بل قال : (الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها) ليقترب من بيان العفّة واسدال الحجاب ، كما جسّد معرفة يوسف للحقّ وجسّد مشاكل يوسف ايضا في عدم التسليم إزاء من كانت حياته في قبضتها.
٣ ـ (غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) التي تدلّ على المبالغة وانّ الأبواب جميعا أوصدت بشدّة ، (وهذا تصوير من هذا الميدان المثير).
٤ ـ جملة (هَيْتَ لَكَ) تشرح آخر كلام امراة العزيز للبلوغ الى وصال يوسف ، ولكنّها في عبارة متينة ذات مغزى كبير وليس فيها ما يشير الى تعبير سيئ.
٥ ـ (مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) التي قالها يوسف لتلك المراة الجملية ، معناها كما يقول اكثر المفسّرين : انّي ألتجئ الى الله فإنّ عزيز مصر