٤ ـ جملة (يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) وجملة (تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) تدلّان جيّدا على انّ نسوة مصر ـ ذوات الهوى ـ بعد ما جرى لهنّ من تقطيع الايدي والانبهار بجمال يوسف ، وردن هذا الميدان ايضا وطلبن من يوسف ان يستسلم لهنّ او لامراة العزيز ، ولكن يوسف ابى عليهنّ جميعا ، وهذا يعني انّ امراة العزيز لم تكن وحدها في الجريمة بل كان لها شريكات في ذلك.
٥ ـ حين يقع الإنسان أسيرا بقبضة الشدائد والحوادث وتجرّه الى شفى الهاوية ، فعليه ان يتوكّل على الله ويلتجئ اليه ويستمدّ منه فقط ، فإذا لم يحظ بلطفه وعونه فإنّه لا يستطيع ان يقوم بأي عمل ، وهذا درس علّمنا ايّاه يوسف العظيم الطاهر الذيل ، فهو القائل : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) فأنت يا ربّ الحافظ لي ، ولا اعتمد على قواي وقدرتي وتقواي.
هذه الحالة «التعلّق المطلق بلطف الله» بالاضافة الى انّها تمنح عبادة الله قدرة واستقامة غير محدودة ، فهي تشملهم بألطافه الخفيّة .. تلك الألطاف التي لا يمكن وصفها والتصديق بها الّا عند رؤيتها ومشاهدتها.
فهؤلاء هم الذين يسكنون في ظلّ الله ورحمته في الدنيا والآخرة ... فقد ورد حديثعن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الشأن يقول : «سبعة يظلّهم الله في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ الّا ظلّه : امام عادل ، وشابّ نشأ في عبادة الله عزوجل ، ورجل قلبه متعلّق بالمسجد إذا خرج منه حتّى يعود اليه ، ورجلان كانا على طاعة الله عزوجل فاجتمعا على ذلك وتفرّقا ، ورجل ذكر الله عزوجل خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امراة ذات حسن وجمال فقال : انّي أخاف الله تعالى ، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تصدّق بيمينه» (١).
* * *
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٥٩٥ ، مادّة «ظلّ».