السابقة بمعنى تعبير الرؤيا.
والاحتمال الآخر من مقصود يوسف هو : انّ اي نوع من الطعام ترونه في النوم فأنا اعرف ما تأويله (ولكن هذا الاحتمال لا ينسجم مع الجملة السابقة) (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما).
فعلى هذا يكون احسن التفاسير للجملة المتقدّمة ، هو التّفسير الاوّل الذي ذكرناه في بداية الحديث.
ثمّ انّ يوسف أضاف الى كلامه مقرونا بالايمان بالله والتوحيد الجاري بجميع ابعاده في اعماق وجوده ، ليبيّن بوضوح ان لا شيء يتحقّق الّا بإرادة الله قائلا : (ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) ولئلّا يتصوّر انّ الله يمنح مثل هذه الأمور دون حساب ، قال (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ).
والمقصود بهذه الملّة او الجماعة هم عبدة الأصنام بمصر او عبدة الأصنام من كنعان.
وينبغي لي ان اترك مثل هذه العقائد لانّها على خلاف الفطرة الانسانية النقيّة ، ثمّ انّي تربّيت في اسرة الوحي والنّبوّة (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ).
ولعلّ هذه هي اوّل مرّة يعرّف يوسف نفسه للسجناء بهذا التعريف ، ليعلموا انّه سليل الوحي والنّبوّة وقد دخل السجن بريئا .. كبقيّة السجناء الابرياء في حكومة الطواغيت.
ثمّ يضيف على نحو التأكيد (ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ) لانّ أسرتنا اسرة التوحيد ... اسرة ابراهيم محطّم الأصنام (ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ).
وعلى هذا فلا تتصوّروا انّ هذا الفضل والحبّ شملا أسرتنا اهل النّبوّة فحسب ـ بل هي الموهبة العامّة التي تشمل جميع عباد الله المودعة في أرواحهم