توجّه إليهما وقال : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
فكأنّ يوسف يريد ان يفهم السجينين انّه لم تريان الحرية في النوم ولا تريانها في اليقظة؟! أليس ذلك من تفرقتكم وشرككم ونفاقكم الذي مصدره عبادة الأوثان والأرباب المتفرّقين ممّا سبّب ان يتغلّب عليكم الطغاة والجبابرة؟! فلم لا تجتمعون تحت راية التوحيد ، وتعتصموا بحبل الواحد القهّار ، لتطردوا من مجتمعكم هؤلاء الظالمين والجبابرة الذين يسوقونكم الى السجن ابرياء دون ذنب؟!
ثمّ يضيف قائلا : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) بل هي صنع عقولكم العاجزة وافكاركم المنحرفة .. (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فلا ينبغي ان تطأطئوا رؤوسكم لسواه من الطغاة والفراعنة ، ثمّ أضاف زيادة في التأكيد قائلا : (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
اي انّ التوحيد في جميع ابعاده ـ في العبادة ، في الحكومة ، في المجتمع ، في المسائل الثقافية ، وفي كلّ شيء ـ هو الدين الالهي المستقيم والثابت. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ولذلك خضعوا لحكومة غير (الله) فذاقوا الشقاء والسجون في هذا السبيل.
وبعد ان ارشد يوسف صاحبي سجنه ودلّهما ودعاهما الى حقيقة التوحيد ، بدا بتعبير الرؤيا لهما .. لانّهما من البداية جاءا لهذا الأمر وقد وعدهما بتعبير الرؤيا ، ولكنّه اغتنم الفرصة وحدّثهما عن التوحيد الحي والمواجهة مع الشرك ، ثمّ التفت إليهما وقال : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ).
وبالرغم من تناسب كلّ رؤيا مع ما عبّره يوسف ، فكان معلوما اجمالا من الذي يطلق من السجينين؟ ومن الذي يصلب منهما؟ الّا انّ يوسف لم يرغب في