كما انّ جملة (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) التي ستأتي في الآيات التالية ، تدلّ على انّ الذي نسي هو الساقي.
ولكن سواء عاد الضمير على يوسف ام على صاحبه ، فما من شكّ من انّ يوسف توسّل بالغير في سبيل نجاة نفسه!
وبديهي انّ مثل هذا التوسّل للنجاة من السجن ومن سائر المشاكل ، ليس امرا غريبا بالنسبة للافراد العاديين ، وهو من قبيل التوسّل بالأسباب الطبيعية ، ولكن بالنسبة للافراد الذين هم قدوة وفي مكانة عالية من الايمان والتوحيد ، لا يمكن ان يخلو من إيراد ، ولعلّ هذا كان سببا في بقاء يوسف في السجن بضع سنين ، إذ لم يرض الله سبحانه ليوسف «ترك الاولى»!.
في حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انّه قال : «عجيب من اخي يوسف كيف استغاث بالمخلوق دون الخالق؟» وروي انّه قال : «لو لا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث» يعني قوله (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ).
وروي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «جاء جبرئيل عليهالسلام فقال : يا يوسف من جعلك احسن الناس؟ قال : ربّي ، قال : فمن حبّبك الى أبيك دون إخوانك؟قال : ربّي ، قال : فمن ساق إليك السيارة؟ قال : ربّي ، قال : فمن صرف عنك الحجارة؟قال : ربّي ، قال : فمن أنقذك من الجبّ؟ قال : ربّي ، قال : فمن صرف عنك كيد النسوة؟ قال : ربّي ، قال : فإنّ ربّك يقول : ما دعاك الى ان تنزل حاجتك بمخلوق دوني؟ البث بالسجن بما قلت بضع سنين» (١).
* * *
__________________
(١) مجمع البيان في تفسير الآية ، الجزء ٣ ، ص ٢٣٥.