ان تنجوا أنفسكم من الهلاك.
الثّالث : لا يتخلف منكم احد عن هذه القافلة الصغيرة.
الرّابع : انّ الأرض ستضطرب حال خروجكم وستبدأ مقدمات العذاب فاهربوا بسرعة ولا تلتفتوا الى الوراء ... ولكن لا مانع من الجمع بين هذه الاحتمالات كلها في الآية (١).
وخلاصة الأمر فإنّ آخر ما قاله رسل الله ـ اي الملائكة ـ للوط عليهالسلام : انّ العذاب سينزل قومه صباحا. ومع اوّل شعاع للشمس سيحين غروب حياة هؤلاء : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ).
ونقرا في بعض الرّوايات انّ الملائكة حين وعدوا لوطا بنزول العذاب صباحا ، سأل لوط الملائكة لشدة ما لقيه من قومه ممّا ساءه ، وجرح قلبه وملأه همّا وغمّا ان يعجلوا عليهم بالعذاب في الحال فإنّ الأفضل الاسراع ، ولكن الملائكة طمأنوه وسرّوا عنه بقولهم : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).
وأخيرا دنت لحظة العذاب وتصرّمت ساعات انتظار لوط النّبي عليهالسلام ، وكما يقول القرآن الكريم (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ).
وكلمة «سجّيل» فارسية الأصل ، وهي مركبة من «سنگ» ومعناها الحجارة و «گل» ومعناها الطين ، فعلى هذا هي شيء صلبا كالحجارة ولا رخوا كالزهرة ،
__________________
(١) في قوله (إِلَّا امْرَأَتَكَ) هذا الاستثناء من اي جملة هو؟ للمفسّرين احتمالان : «الاوّل» انّه يعدّ استثناء من (لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) ومفهومها انّ لوطا واهله بما فيهم امرأته تحركوا للخروج من المدينة ولم يلتفت منهم احد كما أمرهم الرسل ، الا امراة لوط فإنّها بحكم علاقتها بقوم لوط وتأثرها على مصيرهم ، وقفت لحظة ونظرت الى الوراء ، وطبقا لبعض الرّوايات أصابها حجر من الأحجار التي كانت تهوي على المدينة فقتلت به. «الثاني» انّه استثناء من جملة (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) فيكون معناها انّ جميع اهله ذهبوا معه ولكن امرأته بقيت في المدينة ولم يأخذها لوط معه ، ولكن الاحتمال الاوّل انسب.