رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) (١).
الجملة (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) لها تفسيران :
١ ـ فكما ترون انّ السّماء مرفوعة بدون عمد (اي انّها في الأصل بلا عمد كما ترونها فعلا).
٢ ـ والثانية ان (ترونها) صفة للعمد فيكون المعنى : انّ السّماء مرفوعة بعمد ولكن لا ترونها لانّها غير مرئية!
وهذا هو الذي يراه الامام علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، ففي حديث رواه الحسين بن خالد قال : سألت الامام أبا الحسن الرضا عليهالسلام : ما المقصود في قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) قال : هذه السّماء لها طرق الى الأرض ، فقلت له : كيف تكون لها طرق الى الأرض في الوقت الذي يقول سبحانه وتعالى : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) فأجابه الامام : «سبحان الله ، أليس الله يقول بغير عمد ترونها؟ قلت بلى ، فقال : ثمّ عمد ولكن لا ترونها» (٢).
انّ هذه الآية بالرغم من وجود هذا الحديث الذي يفسّرها ، فإنّها تكشف عن حقيقة علمية لم تكن معروفة عند نزول الآيات الكريمة ، لانّه في ذاك الوقت كانت نظرية «بطليموس» في الهيئة تتحكّم بكلّ قواها في المحافل العلمية في العالم وعلى أفكار الناس ، وطبقا لهذه النظرية فإنّ السّماوات عبارة عن اجرام متداخلة تشبه قشور البصل ، وانّها لم تكن معلّقة وبدون عمد ، بل كلّ واحدة منها تستند الى الاخرى.
ولكن بعد نزول هذه الآيات بألف سنة تقريبا توصل علم الإنسان الى انّ هذه الفكرة غير صحيحة ، فالحقيقة انّ الاجرام السّماوية لها مقرّ ومدار ثابت ، ولا
__________________
(١) (عمد) على وزن (صمد) «وعمد» على وزن (زحل) والاثنان جمع عمود ، فالاوّل جمع ، والثّاني اسم الجمع (مجمع البيان ذيل الآية).
(٢) الحديث في تفسير البرهان ، عن علي بن ابراهيم عن العياشي (البرهان ، المجلّد الثّاني ، ص ٢٧٨).