هذا القانون الذي هو واحد من القوانين الاساسيّة لعلم الاجتماع في الإسلام ، يقول لنا : انّ ما يصيبكم هو من عند أنفسكم ، وما أصاب القوم من السعادة والشقاء هو ممّا عملت أيديهم ، وما يقال من الحظّ والصدفة وما يحتمله المنجّمون ليس له أساس من الصحّة ، فالأساس والقاعدة هي ارادة الامّة إذا أرادت العزّة والافتخار والتقدّم ، او العكس ان أرادت هي الذلّة والهزيمة ، حتّى اللطف الالهي او العقاب لا يكون الّا بمقدّمة. فتلك ارادة الأمم في تغيير ما بأنفسهم حتّى يشملهم اللطف او العذاب الالهي.
وبتعبير آخر : انّ هذا الأصل القرآني الذي يبيّن واحدا من اهمّ المسائل الاجتماعية في الإسلام ، يؤكّد لنا ان اي تغيير خارجي للأمم مرتبط بالتغيير الداخلي لها ، واي نجاح او فشل يصيب الامّة ناشئ من هذا الأمر ، والذين يبحثون عن العوامل الخارجية لتبرير اعمالهم وتصرّفاتهم ويعتبرون القوى المستعمرة والمتسلّطة هي السبب في شقائهم يقعون في خطأ كبير ، لانّ هذه القوى الجهنميّة لا تستطيع ان تفعل شيئا إذا لم تكن لديها قدرة ومركز في داخل المجتمع.
المهمّ ان نطهّر مجتمعاتنا من هذه المقرّات والمراكز للمستعمرين ولا نجعلها تنفذ في داخل مجتمعنا ، فهؤلاء بمنزلة الشياطين ، ونحن نعلم انّ الشيطان ليس له سبيل على عباد الله المخلصين ، فهو يتسلّط على الذي مهّد له السبيل في داخله.
يقول هذا الأصل القرآني : انّنا يجب ان نثور من الداخل كي ننهي حالة الشقاء والحرمان ، ثورة فكرية وثقافية ، ثورة ايمانيّة وأخلاقية ، وأثناء وقوعنا في مخالب الشقاء يجب ان نبحث فورا عن نقاط الضعف فينا ، ونطهّر أنفسنا منها بالتوبة والرجوع الى الله ونبدأ حياة جديدة مفعمة بالنّور والحركة ، كي نستطيع في ظلّها ان نبدّل الهزيمة الى نصر ، لا ان نخفي نقاط الضعف وعوامل الهزيمة هذه ونبحث عنها في خارج المجتمع ونظلّ ندور في الطرق الملتوية.