فأوّلها : انّهم قالوا : (يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ ...) فكلامك أساسا ليس فيه اوّل ولا آخر ، وليس فيه محتوى ولا منطق قيم لنفكر فيه ونتدبره وليس لديك شيء نجعله ملاكا لعملنا ، فلا ترهق نفسك اكثر! وامض الى قوم غيرنا ...
والثّانية : قولهم (وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) فإذا كنت تتصور انّك تستطيع اثبات كلماتك غير المنطقية بالقدرة والقوّة فأنت غارق في الوهم.
والثّالثة : هي انّه لا تظنّ انّنا نتردد في القضاء عليك بأبشع صورة خوفا منك ومن بأسك ، ولكن احترامنا لعشيرتك هو الذي يمنعنا من ذلك (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ)!
والطريف انّهم عبّروا عن قبيلة شعيب : بـ «الرّهط» وهذه الكلمة تطلق في لغة العرب على الجماعة التي مجموع أنصارها ثلاثة الى سبعة ، او عشرة ، او على قول. وهو الحدّ الأكثر ـ تطلق على أربعين نفرا.
وهم يشيرون بذلك الى انّ قبيلتك تتمتع بالقوة الكافية مقابل قوتنا ، ولكن تمنعنا امور اخرى ، وهذا يشبه قول القائل : لو لا هؤلاء الاربعة من قومك وأسرتك لأعطيناك جزاءك بيدك. في حين انّ قومه وأسرته ليسوا بأربعة ، بل المراد بيان هذه المسألة ، وهي انّهم لا اهمية لقدرتهم في نظر القائل.
وقولهم الأخير : (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) فمهما كانت منزلتك في عشيرتك ، ومهما كنت كبيرا في قبيلتك الّا انّه لا منزلة لك عندنا لسلوكك المخالف والمرفوض.
ولكنّ شعيبا دون ان يتأثر بكلماتهم الرخيصة واتهاماتهم الواهية أجابهم بمنطقه العذب وبيانه الشائق متعجبا وقال : (يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) أفتذروني من اجل رهطي وقبيلتي التي لا تتجاوز عدّة انفار ولا ينالني منكم سوء ، فلم لا تصغون لكلامي في الله؟ وهل يمكن ان نقارن عدّة افراد بعظمة الله