المعنى ، ولكن هناك تفاوت بينهما وهو انّ أحدهما يبيّن جانب الإثبات والآخر جانب النفي ، فواحد بمعنى النصرة والدعم ، والآخر بمعنى الدفاع والحفظ.
الآية الاخرى ـ في الواقع ـ جواب لما كان يستشكله اعداء الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومن جملة هذه الإشكالات :
اوّلا : كان البعض يقول : هل من الممكن ان يكون الرّسول من جنس البشر ، يتزوّج وتكون له ذرّية؟ فالآية تجيبهم وتقول ليس هذا بالأمر الغريب : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) (١).
ويتبيّن من اشكالهم انّهم امّا ان يكونوا غير عالمين بتاريخ الأنبياء ، او انّهم يتجاهلون ذلك والّا لم يوردوا هذا الاشكال.
ثانيا : كان ينتظر هؤلاء من الرّسول ان يجيبهم على كلّ معجزة يقترحونها عليه بما تقتضيه اهواؤهم ، سواء آمنوا او لم يؤمنوا ، ولكن يجب ان يعلم هؤلاء انّ (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ).
ثالثا : لماذا جاء نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيّر احكام التوراة والإنجيل ، ا وليست هذه كتب سماوية؟ وهل من الممكن ان ينقض الله أوامره؟ (هذا الاشكال كان يطابق ما يقوله اليهود من عدم نسخ الأحكام).
وتجيب الجملة الاخيرة من الآية فتقول : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) كيما تبلغ البشرية المرحلة النهائية من الرّشد والتكامل فليس من العجيب ان ينزّل يوما التوراة ، ويوما آخر الإنجيل ، ثمّ القرآن ، لانّ البشرية في تحوّلها وتكاملها بحاجة الى البرامج المتغيّرة والمتفاوتة.
ويحتمل انّ جملة (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) جواب لمن كان يقول : إذا كان الرّسول صادقا ، لماذا لا ينزل الله عذابه وسخطه على المخالفين والمعاندين؟ فيجيبهم
__________________
(١) يقول بعض المفسّرين في سبب نزول هذه الآية : انّها جواب لما كان يورده البعض من تعدّد ازواج الرّسول ، في الوقت الذي نرى انّ سورة الرّعد مكّية وتعدّد الزوجات لم يكن حينذاك.