ايضا : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) ، (١) وقوله تعالى : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) (٢).
وعلى هذا النحو فإنّ محور الهداية والضلال في ايدي الناس أنفسهم.
تشير الآية الأخرى الى واحدة من نماذج إرسال الأنبياء في مقابل طواغيت عصرهم ، ليخرجوهم من الظّلمات الى النّور : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٣).
وكما قرانا في الآية الاولى من هذه السورة فإنّ خلاصة دعوة رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم هي إخراج الناس من الظّلمات الى النّور ، فهذه دعوة كلّ الأنبياء ، بل جميع القادة الروحيين للبشر ، فهل الظلم غير الضلال والانحراف والذلّ والعبوديّة والفساد والظلم؟! وهل النّور غير الايمان والتقوى والحرية والاستقلال والعزّة والشرف؟! لذلك فإنّها تمثّل الخطّ المشترك والجامع بين كلّ دعوات القادة الإلهيين.
ثمّ يشير القرآن الكريم الى واحدة من اكبر مسئوليات موسى عليهالسلام حيث يقول تعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ).
من المتيقّن انّ كلّ الايّام هي ايّام الله ، كما انّ كلّ الأماكن متعلّقة بالله جلّ وعلا ، وإذا كانت هناك نقطة خاصّة تسمّى (بيت الله) فذلك بدليل ميزاتها ، كذلك ايّام الله تشير الى ايّام مميّزة لها خصائص منقطعة النظير.
ولهذا السبب اختلف المفسّرون في تفسيرها : قال البعض : انّها تشير الى ايّام النصر للأنبياء السابقين وأممهم والايّام التي شملتهم النعم الالهيّة فيها على اثر استحقاقهم لها.
وقال البعض الآخر : انّها تشير الى العذاب الالهي الذي شمل الأقوام الطاغين
__________________
(١) البقرة ، ٢٦.
(٢) ابراهيم ، ٢٧.
(٣) المعجزات التي ظهرت من موسى بن عمران اشارت إليها الآية أعلاه بلفظ الآيات ، وهي ٩ معاجز مهمّة طبقا للآية (١٠١) من سورة الاسراء ، والتي سوف تأتي ان شاء الله في تفسير تلك الآية.