النعم الالهيّة في هدفها الحقيقي ، فسوف يثبتون عمليّا استحقاقهم لها وتكون سببا في زيادة الفيوضات الالهيّة عليهم.
من الثابت انّ هناك نوعين من الشكر ، (شكر تكويني) و (شكر تشريعي).
«الشكر التكويني» هو ان يستفيد الكائن الحي من مواهبه في نموّه ورشده ، فمثلا يرى المزارع انّ القسم الفلاني من مزرعته تنمو فيه الأشجار بشكل جيد ، وكلّما يخدمها اكثر تنتج اكثر ، فهذا الأمر سوف يؤدّي الى ان يقوم المزارع على خدمة وتربية ذلك القسم بشكل اكبر ، ويوصي مساعديه بها ، لانّ الأشجار تناديه بلسان حالها : ايّها المزارع ، نحن لائقون مناسبون ، افض علينا من النعم ، وهو يجيبهم بالاثبات.
امّا إذا راى في قسم آخر أشجارا ذابلة ويابسة وليس لها ثمر ، فكفران النعمة من قبلها بهذه الصورة يسبّب عدم اعتناء المزارع بها ، وإذا استمرّ الوضع بهذا الحال سوف يقوم بقلعها.
وهذه الحالة موجودة في عالم الانسانيّة بهذا التفاوت ، وهو انّ الأشجار ليس لها الاختيار ، بل هي خاضعة للقوانين التكوينيّة ، امّا الإنسان فباستفادته في ارادته واختياره وتربيته التشريعيّة يستطيع ان يخطو في هذا المجال خطوات واثقة.
ولذلك فمن يستخدم نعمة القوّة في الظلم ، ينادي بلسان حاله : الهي ، انا غير لائق لهذه النعمة ، ومن يستخدمها لاقامة الحقّ والعدالة يقول بلسان حاله : الهي ، انا مناسب ولائق فزد نعمتك عليّ!
وهناك حقيقة غير قابلة ـ ايضا ـ للترديد ، وهي انّنا في كلّ مرحلة من مراحل الشكر الالهي ـ ان كان باللسان او العمل ـ سوف نحتاج الى شكر جديد لمواهب وعطايا جديدة ، ولذلك فلسنا قادرين ان نؤدّي حقّ الشكر ، كما نقرا في مناجاة الشاكرين للإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام : «كيف لي بتحصيل